كتب المحرّر السياسيّ
انتفاضتان وتنسيق وكواليس ومؤامرة، أما الانتفاضتان فواحدة في الشارع وداخل كل بيت تحت وطأة أوضاع لا تُطاق في ظل انقطاع الكهرباء واشتعال الأسعار وأزمات متنقلة من الخبز والبنزين والمازوت وآخرها الدواء، وفقدان السلع من الأسواق، وأسعار تتضاعف من ليلة إلى صباح؛ أما الثانية فهي صرخة رئيس الحكومة حسان دياب في بدء جلسة الحكومة، حيث قال «هناك جهات محلية وخارجية، عملت وتعمل حتى يكون الاصطدام مدوياً، وتكون النتيجة حصول تحطّم كبير، وخسائر ضخمة».
وقال رئيس الحكومة «هذه الجهات إما هي أدوات خارجيّة لإدخال لبنان في صراعات المنطقة وتحويله إلى ورقة تفاوض، أو هي تستدرج الخارج وتشجعه على الإمساك بالبلد للتفاوض عليه على طاولة المصالح الدولية والإقليمية». وأضاف «هم يمنعون أي مساعدة عن لبنان. حصار سياسي ـ مالي لتجويع اللبنانيين، وفي الوقت نفسه، يدعون أنهم يريدون مساعدة الشعب اللبناني. يطالبوننا بالإصلاح، وفي المقابل يمنحون حماية للفساد ويقدّمون حصانة للفاسدين ويمنعون حصولنا على ملفات مالية لاستعادة الأموال المنهوبة. يلعبون لعبة رفع سعر الدولار الأميركي، والمضاربة على الليرة اللبنانية، ويحاولون تعطيل إجراءات الحكومة لمعالجة ارتفاع سعر الدولار. لعبة الدولار أصبحت مكشوفة ومفضوحة. يطالبوننا بإجراءات مالية، ويهرّبون الأموال إلى الخارج ويمنعون التحويلات إلى البلد، ويعطلون فتح الاعتمادات للفيول والمازوت والدواء والطحين، ليقطعوا الكهرباء عن اللبنانيين ويجوّعوهم ويتركوهم يموتون من دون أدوية. وفوق ذلك، يتحدّثون عن حرصهم على لبنان ومساعدة الشعب اللبناني».
ووجّه دياب اتهاماً واضحاً للسفير السعودي من دون أن يسمّيه، بالوقوف وراء خطة إسقاط البلد فقال «سكتنا كثيراً عن ممارسات ديبلوماسية فيها خروق كبيرة للأعراف الدولية، والديبلوماسية، حرصاً على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الديبلوماسية. والأخطر من ذلك، بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سرية وعلنية، ورسائل بالحبر السري ورسائل بالشيفرة ورسائل بالـ»واتس آب»، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل».
كلام دياب جاء على خلفيّة تفاقم الأوضاع المعيشيّة والصحيّة بفعل امتناع حاكم مصرف لبنان عن تأدية ما كان قد وعد به، من تمويل منتظم للفيول والمشتقات النفطية والقمح والدواء، وبالمقابل مواصلته وضع اليد على التحويلات التي يرسلها اللبنانيون من الخارج والمقدرة بمئة مليون دولار شهرياً، كان قد وعد باستعمالها لتمويل الاستيراد الاستهلاكي والغذائي بالسعر ذاته الذي يدفعه لقاءها، لكنه لم يفعل رغم مرور ثلاثة شهور، ووعد بالتدخل في سوق الصرف لحماية الليرة فحوّلها مهزلة مع تشجيع الصرافين على بيع الدولار لكل حامل بطاقة هويّة بقيمة مئتي دولار للشخص، تحوّلت مصدراً لتجميع الدولارات لدى المضاربين على الليرة اللبنانية.
تزامن كلام دياب مع اجتماع تنسيقي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر وتكتل لبنتان القوي جبران باسيل، خرج بدعوة مصرف لبنان لتحمّل مسؤولياته بالتدخل لحماية سعر الصرف، بينما شاعت معلومات ونظمت حملات وصدرت تصريحات، محورها الإيحاء بقرب رحيل الحكومة، وهو ما نفته مصادر متابعة للملف الحكومي، قالت لـ»البناء» إن الوضع الحكومي يختصر بجملة: «لا تعديل ولا تغيير ولا استقالة والحملات الإعلاميّة مبرمجة».
2020-07-03 | عدد القراءات 17182