نموذج الدولة المارقة : بلينكن والجولان
كتب ناصر قنديل
- المعتدي أحيانا يكون مسكونا بوهم اقتناع انه صاحب حق فهو في هذه الحالة اقل سوءا ورداءة من الذي يعرف الحق ويعتراف به ويجد اعذار للتنكر له ، وهذا هو املنافق ، وعندما يكون ممثلا لدولة تعرف الحق وتتنكر له ، وتعترف بالقانون وتشجع على انتهاكه فتسمى بالدولة المارقة .
- استعمل الأميركيون في وصف الدولة المارقة كل خصومهم ، دون أن يتكبدوا عناء تقديم الدليل على ذلك ، لأنهم منحوا مواقفهم صفة أعلى من القانون ، واعتبروا كل خلاف معهم يعني انتهاكا للقانون وتمردا على احكامه ، ما يسمح بوصف من يقوم بذلك بالمارق .
- عندما نقارن بين موقفي دونالد ترامب وخلفه جو بايدن وادارته التي يمثلها وزير خارجيته انتوني بلينكن من قضية الجولان السوري المحتل ، سنجد اننا أمام مفارقة غريبة ، فترامب المتحمس لموقف كيان الإحتلال عقائديا يؤيد قرار الكيان بضم الجولان ، وهذا الموقف العدواني منسجم مع صاحبه ، الذي وجد في احتلال الكيان للجولان والقدس الشرقية استعادة لحقوق يعتبرها الكيان جزء منه ويؤيده هو في ذلك ، ولا يهم ترامب ان يخالف القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ، فالقانون عنده هو ما يراه الكيان وتؤيده واشنطن ، ولذلك لم يجد ترامب مانعا من مساندة الكيان بضم الجولان والقدس الشرقية كأراض تم احتلالها عام 67 وصدرت بصددها القرارات الدولية خصوصا القراراين 242 و338 .
- يأتي بلينكن ليقول ان كيان الإحتلال يضع يده على القدس الشرقية والجولان بصفته قوة احتلال ، لا يملك الشرعية للتصرف بها ، وهو بذلك يريد أن يظهر منسجما مع القرارات الدولية التي تدعو للانسحاب منهما ، لكنه كمنافق يمثل دولة مارقة لا يجد مانعا من القول إنه يؤيد بقاء قوات الاحتلال في الجولان وطبعا في القدس الشرقية ، بإعتبار هذا البقاء حاجة أمنية للكيان .
- هل يوجد في القانون الدولي والمواثيق الدبلوماسية ما يبيح احتلال أراضي الغير بالقوة بداعي الضرورات الأمنية ؟ أليست كل عمليات الاحتلال التي وجد القانون الدولي لادانتها ، تجد تبريراتها من الاحتلال بمصالح أمنية أو مائية أو ما يعادلها ، وقد كان القانون الدولي حاسما برفضها وادانتها ؟
- السياسة الاميركية دائما معادية للعرب ، وحقوقهم ، مرة بالتصرف كشريك عقائدي لكيان الاحتلال ، وعندما تصير عقلانية تتحول الى دولة مارقة .
2021-06-09 | عدد القراءات 1640