المقاومة تستعيد معادلة سيف القدس في قضية ابو هواش
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- خلال أسابيع لعبت قيادة كيان الإحتلال على حافة الهاوية في قضية الأسير هشام أبو هواش ، مخاطرة بإحتمال موته ، للضغط من أجل دفعه لفك الإضراب وإنهاء معادلة الردع الجديدة التي استحضرها أسرى الإعتقال الإداري الذين يبلغون خمسمئة اسير أغلبهم من القادة والكوادر في قوى المقاومة ، وكان سعي حكومة نفتالي بينيت لتظهير صورة القوة كواحدة من مفردات الضغط التفاوضي على إيران في ملفها النووي لمنح المصداقية لجدية التهديدات بالخيار العسكري ، يستدعي منها أن تظهر عدم إكتراث بتهديدات المقاومة بالعودة الى خيار المواجهة إذا فارق أبو هواش الحياة ، بينما كان رهان حكومة بينيت على الضغط بإدارة الظهر أملا بفك الإضراب فيكون مدخلا لمعادلة جديدة تسقط نهج الإضراب عن الطعام الذي لجأ إليه أسرى الإعتقال الإداري وأثبت فعاليته ، لكن الأسير المؤمن بصدقية قوى المقاومة وحقيقة معادلة الردع التي أقامتها في معركة سيف القدس ، والمستعد للذهاب حتى النهاية في خيار الإضراب حتى الموت ، لتثبيته معادلة الحرية أو الشهادة وجهان من وجوه النصر ، حتى بلغت المواجهة لحظاتها الأخيرة وباتت حياة أبو هواش خارج إرادته مع دخوله في غيبوبة وهو مصر على مواصلة الإضراب ، وصار على حكومة بينيت إقامة حساباتها من جديد ، موت أبو هواش وإندلاع مواجهة جديدة أو التراجع ، فتراجعت .
- قيمة هذا التراجع الإسرائيلي تأتي من أنه يكذب كل المزاعم التي يمكن أن يطلقها "الإسرائيليون" ومن معهم من الغرب والعرب ، حول بعد إنساني يتصل بالحرص على حياة أبو هواش وراء التراجع ، لأن مثل هذا الحرص الزائف تكذبه وقائع 142 يوما كاملة ترجمتها قرارات النائب العام والمحكمة العليا ، وتعامل جهاز الشاباك والحكومة ، ومشاركة السلطة الفلسطينية لحكومة الإحتلال بمحاولة تهميش القضية كترجمة لطلب تلقاه رئيس السلطة محمود عباس من وزير دفاع الكيان بني غانتس خلال لقائهما قبل أيام ، وما لا يمكن التستر عليه هو أن الإحتلال رمى بثقله في هذه المعركة ليفوز بها بفك الإضراب دون تحقيق مطلب الغاء الإعتقال الإداري ، أو الوصول لصيغة تتيح المضي بالمخاطرة بموت الأسير دون نشوء ردة فعل قادرة على إتسعادة مناخات معركة سيف القدس وتجدد معادلاتها ، سواء عبر عروض التعويم المالي لسلطة عباس ، أو عروض الإحتواء الإقتصادي لغزة بمعزل عن حل قضية تبادل الأسرى وتجميد التصعيد في القدس ، وقد وصل الإحتلال مع إنتفاضة برقة ومواجهات جنين الى محدودية قدرة السلطة ، وتبلغ من الوسيط المصري رفضا نهائيا لعروضه من قيادة غزة ، وباتت المعادلة واضحة ، المضي بترك الموت مصير محتوما لأبي هواش يعني العودة لتساقط الصواريخ على تل أبيب ، فقرر التراجع .
- قيمة هذا التراجع أنه يأتي في توقيت إقليمي سعت حكومة بينيت الى حجز دور لها في معادلاته ، بصفتها صاحبة الخيار العسكري في مواجهة إيران ، سواء كورقة ضغط تفاوضية لتحسين الشروط الأميركية والغربية ، أو لنيل تعويض مالي وتسليحي كثمن للصمت عن السير الأميركيو الغربي بالإتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات عنها ، وفي السياق السعي لرفع وتيرة المشاغبة العسكرية لفرض تعقيدات أمام فرضية الإنسحاب الأميركي من سورية والعراق ، لكن رياح الإقليم لم تأت كما إشتهت السفن "الإسرائيلية" ، فإيران لم تقم حسابا للتهديدات الإسرائيلية لا خلال المفاوضات ولا في جدية الحسابات ، وهي تعلم محدودية القدرة الإسرائيلية ، وتثق بحجم قدرتها على الرد الرادع والموجع ، وفي سورية والعراق وجدت القوات الأميركية أنها في قلب مسار تصعيدي يستهدف مواقعها ويضعها بين خيارات الذهاب الى خيار الحرب الذي تخلت عنه نهائيا مع إنسحابها من أفغانستان ، وخيار الإتسعداد للإنسحاب ، وبدأت المعلومات الوافدة من فيينا تتحدث عن قرار بالإفراج عن أموال إيرانية كانت مجمدة بسبب العقوبات ، ولم يبق أمام حكومة بينيت سوى الرضوخ للحقائق الجديدة التي تقول أن حجمها الإقليمي الوازن بات شيئا من الماضي ، وأن خطر إندلاع المواجهة يصيبها بالذعر بينما يشعر قوى المقاومة بالثقة .
2022-01-05 | عدد القراءات 1368