بوتين لم يعتذر حتى لو يتم نفي الإعتذار
كتب ناصر قنديل
- استغل رئيس حكومة الإحتلال نفتالي بينيت المحادثة التي جرت بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، لتوزيع خبر يبرر طي صفحة التوتر مع موسكو بالقول إنه تلقى اعتذارا من الرئيس الروسي عن كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ، الذي رافق أزمة دبلوماسية بين موسكو وتل أبيب تتصل بالحرب الأوكرانية ، ويعرف كل من يتعاطى شؤون السياسة والدبلوماسية والإعلام ، أن الإعتذار عن كلام صدر علنا لا يكون إلا من المصدر نفسه او من مرجع أعلى منه علنا أيضا ، وعندما يصدر الإعتذار في بيان الطرف الذي يطالب به ، فتلك هي أضعف الصيغ وأقلها مصداقية ، كما يحدث عندما تعلن السلطة الفلسطينية تلقيها اعتذارات أميركية أو إسرائيلية ، عن مواقف تلاقى غضبا في الشارع ، في توقيت تحتاج فيه السلطة لتبرير استمرار التواصل مع الأميركي والإسرائيلي .
- في مثل هذه الحالات يمكن أن يغض الطرف المعني النظر عن مزاعم الإعتذار ، ويقرأ فيها نية الحرص على التواصل وتبريره أمام الرأي العام الغاضب ، رغم ما تم وصفه بالإهانة ، فلا يقوم بنفي الإعتذار ، وفي حالة ما دار بين بينيت وبوتين ، يوحي بيان الكرملين بتلقي موسكو رسائل إسرائيلية حول أوكرانيا تتضمن ما تطلبه روسيا ، سواء لجهة الموقف من العقوبات الأميركية أو لجهة المشاركة من تحت الطاولة في الأعمال الحربية الى جانب الجيش الأوكراني والجماعات النازية أو المرتزقة الأجانب ، بما يعني تحقيق التصعيد الروسي لأهدافه بإعادة ضبط الأداء الإسرائيلي تحت سقف يجعل موسكو تكتفي بعدم التصعيد .
- سيحاول الإسرائيليون الذين يبدو أنهم يدركون عجزهم عن التعامل مع موجة غضب روسي في لحظة إنشغال أميركي ، بينما محور المقاومة يستعد لجولة مواجهة ، تحييد الغضب الروسي من لحظة الذروة ، وهم يدركون أن ذلك لن يوقف خطة محور المقاومة ، ولن يحول دونها ، لكنه يطمئن الإسرائيليين إلى أن موسكو ليست طرفا فيها .
- ما يعتبره الإسرائيليون اطمئنانا لا يشكل بالنسبة لموسكو سببا للثقة بأنه في مواجهة روسية أميركية يمكن لإسرائيل ان تكون على الحياد ، أو سببا لتقوم روسيا بما يحقق مزيدا من الإطمئنان الإسرائيلي ، فتشغيل قنوات الإتصال لا يعني تجاوز قواعد الإشتباك ، والصراع الدائر في العالم ، والمنطقة جزء منه ، لا تحله المجاملات ، ولا التكتيكات ، ومعادلة المنطقة في مواجهة إسرائيل ليست مبنية على رهان او امل بدعم روسي ، لكن الأكيد فيها أن روسيا لن تكون حاجزا يحول دون تصاعد تهديد محور المقاومة للإطمئنان الإسرائيلي ، وزيارة الوفود الفلسطينية وفي مقدمتها حماس الى موسكو مليئة بالرسائل ، وهذا هو مفهوم ربط النزاع .
- الملفت في رواية الإعتذار أن وسائل الإعلام الروسية الرسمية والخاصة تجاهلت البيان الإسرائيلي ونشرت فقط ما صدر عن الكرملين حول مضمون المباحثات حول اوكرانيا ووجهة النظر الروسية ، وخلت من أي إشارة للرواية الإسرائيلية ، ولو من باب الاستطراد كما يجري عادة في وسائل الإعلام بما فيها الروسية .
- أقصر الطرق للإعتذار كان وفقا للمعايير الدبلوماسية هو تصريح توضيحي للوزير لافروف يرضي الإسرائيليين ، يعقبه اتصال الرئيس بوتين لطي الصفحة ، فهل يعقل أن نقبل الرواية الإسرائيلية الركيكة عن قيام بوتين بالإعتذار ، بصورة أقرب لتوجيه الإهانة لوزير خارجيته ؟
- الباب يبقى مفتوحا في أي توقيت على كلام روسي لاحق ، والأيام شواهد .
2022-05-06 | عدد القراءات 1730