بيان روسي صيني مشترك يؤكد الموقع القيادي الدولي اقتصادياً وسياسياً: مشروع الدول المستقلة / الأسد في لقاء خرازي: محصلة التحولات المتسارعة في العالم ستكون لصالحنا رغم المصاعب / الدولار يتحرك بـ 25 % صعو

بيان روسي صيني مشترك يؤكد الموقع القيادي الدولي اقتصادياً وسياسياً: مشروع الدول المستقلة / الأسد في لقاء خرازي: محصلة التحولات المتسارعة في العالم ستكون لصالحنا رغم المصاعب / الدولار يتحرك بـ 25 % صعوداً ونزولاً خلال ساعات… وتعليق متوقع لإضراب المصارف /

كتب المحرّر السياسيّ

لم تستطع واشنطن تجاهل الاهتمام الذي حاز عليه لقاء القمة الروسي الصيني، وتظهير الحلف الاستراتيجي بين الدولتين العظميين المناهضتين للهيمنة الأميركية، واحدة هي روسيا التي أثبتت أنها الأقوى عسكرياً بامتلاكها عناصر التفوق الاستراتيجي في مجال الأسلحة النووية، باعتراف واشنطن، وثانية هي الصين الأقوى اقتصادياً رغم المحاولات الفاشلة لأميركا لاستعادة أمجاد سابقة، والبيان الأميركي رداً على البيان الروسي الصيني جاء خالياً من أي مضمون يناقش الخطاب الذي قدمته الدولتان، بينما البيان الروسي الصيني تعامل مع قضايا العالم من موقع قيادي للمعادلات الدولية الجديدة، على قاعدة الأولوية لمفهوم الدولة المستقلة، حيث أكد البيان على أن ما بين الدولتين حلف استراتيجي كامل. وأكد البيان أن روسيا والصين تعارضان فرض دولة واحدة لقيمها على دول أخرى، مؤكدين عدم وجود شيء يُسمّى بـ «ديمقراطية أعلى». كما دعا حلف شمال الأطلسي إلى احترام سيادة الدول الأخرى ومصالحها، مؤكداً على أن بكين وموسكو تعارضان التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية. كما أكد البيان على أن العلاقات الروسية الصينية وصلت إلى أعلى مستوى في تاريخهما، وقال البيان: «العلاقات الروسية الصينية من الشراكة الشاملة والتفاعل الاستراتيجي، التي تدخل عهداً جديداً، بفضل الجهود المستمرة للأطراف، وصلت إلى أعلى مستوى في تاريخها وتواصل التطوّر تدريجياً».

في المنطقة كلام الرئيس السوري بشار الأسد خلال استقباله رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الدولية في الجمهورية الإسلامية في إيران الدكتور كمال خرازي، يضيء على نظرة محور المقاومة للمعادلات المحيطة بتوازنات العالم والمنطقة، وقال الأسد خلال اللقاء إنه «في هذه المرحلة من التحولات المتسارعة من الطبيعي أن يكون هناك بعض الخسائر والسلبيات لدولنا إلا أن محصلة هذه التحولات ستكون لصالحنا بفضل صمود بلداننا وشعوبنا، وبسبب الأخطاء الجسيمة في السياسات والرؤى لدى الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية». وأكد الأسد أن: «هذه المرحلة بحاجة لحوارات مكثفة وعمل استراتيجي بين دول المنطقة لأن الغرب في هذه المرحلة ربما سيكون أكثر عدوانية وسيحاول استخدام كل الأدوات التي يمتلكها داخل مجتمعاتنا، وهذا ما يحتم على دول المنطقة التعامل بدقة مع الأوضاع الداخلية وتعزيز الانتماء، إضافة إلى التحرك باتجاه تمتين العلاقات في ما بينها بما يؤَمّن لها شبكة حماية من أي سياسات عدوانية بمختلف أشكالها».

لبنانياً، سيطر الارتفاع المتسارع والهبوط الأسرع لسعر صرف الدولار بنسبة 25% خلال ساعات، على المشهد السياسي، منتقلاً من 110 آلاف ليرة إلى 145 ألف ليرة، وعكساً من 145 ألف ليرة الى 105 آلاف ليرة، وقد رسم الفارق بين الحالتين ما سبق وتكرر مع كل مرة مشابهة، مصرف لبنان يعلن رفع سعر صيرفة ويفتح الباب لبيع الدولارات بالسعر الجديد، ويتكرس السعر الجديد بانتظار ارتفاع جديد، بينما قررت جمعية المصارف ما كان متوقعاً مع الارتفاع الجديد والسعر الجديد لمنصة صيرفة من تعليق للإضراب، على أبواب بدايات شهر جديد يترافق مع دفع الرواتب، بانتظار العودة للإضراب مطلع الشهر المقبل.

وبعد ارتفاع سعر صرف الدولار إلى حدود الـ140 ألف ليرة ظهر أمس، تدخل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من جديد معلناً عن إجراء عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الأوراق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة. وحدّد في تعميم، صيرفة، بـ90 ألف ليرة لبنانية مقابل كل دولار ابتداء من اليوم (أمس) 21 آذار 2023.

ووفق معلومات «البناء» فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تلقى مراجعات من مرجعيات سياسية وغير سياسية تسأل عما يجري في البلد وتحديداً على صعيد الدولار، فبادر ميقاتي قبل سفره إلى قبرص الى إجراء اتصالات بحاكم مصرف لبنان وبالمعنيين بالشأن المصرفيّ طالباً التدخل للجم واحتواء سعر الصرف.

ولفت مصدر سياسي ومالي مطلع على الشأن الحكومي لـ»البناء» إلى أن «لجم سعر صرف الدولار ليس كبسة زر بل يحتاج الى توافق سياسي على كافة الصعد، ولا تقتصر الأمور على إجراء من هناك وقرار من هناك، بل هناك سلة قرارات مالية واقتصادية تحتاج الى أرض سياسية صلبة تبدأ بصناعة تسوية بانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وإقرار الإصلاحات المطلوبة واستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي»، محذّرة من أن «النظام المؤسسيّ لم يعُد قادراً على التجاوب مع الوضع القائم من الانهيار وتفلت العملة».

وعن التسوية القضائية – المصرفية كشف المصدر أن الأزمة تتعلق بجوانب عدة ولا تنحصر بجانب واحد، وهناك تشريعات وقوانين وقرارات مالية ونقدية وقانونية يجب أن تتخذ بين المصارف والقضاء والمجلس النيابي لحل الإشكالية، مؤكداً أن الرئيس ميقاتي يحاول التوسط بين هذه الأطراف لتهدئة واحتواء الوضع قبل أن نصل الى الانفجار الكبير، ولا زلنا في مرحلة بإمكاننا النهوض». ولفت الى أن «هناك مصارف متعثرة وقد يعلن بعضها الإفلاس بسبب ضغط الأزمة والدعاوى القضائية لكن لن نصل الى مرحلة إفلاس النظام المصرفي اللبناني».

ولفت المصدر الى أن الحكومة قامت بما عليها، وأحالت مشروع قانون الكابيتال كونترول الى المجلس النيابي واللجان أنجزته وأدخلت التعديلات اللازمة وأحالته على الهيئة العامة وينتظر جلسة تشريعية لإقراره، مرجحاً أن يضعه رئيس المجلس على جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع أن يدعو اليها الإثنين المقبل بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس.

وأعلنت جمعية مصارف لبنان في بيان، مساء أمس أنه «بمناسبة بداية شهر رمضان الكريم وتسهيلاً لأمور كافة المواطنين وعلى ضوء الاتصالات الجارية مع السلطات المعنية لمعالجة الخلل في المرفق القضائي والمرفق التنظيمي، تقرّر جمعية مصارف لبنان تعليق الإضراب ومتابعة اتصالاتها بالسلطات المعنية، على أن تتخذ موقفاً على ضوء النتائج العملية لهذه الاتصالات وذلك ابتداءً من صباح يوم غد 22 / 3 /2023».

ويتجه مجلس النواب الى التصعيد بوجه الحكومة، إذ أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان أن «جلسة اللجان النيابية غداً (اليوم) ستتحول إلى مساءلة الحكومة ومصرف لبنان والمصارف وتبيان ما يفعلون في ظل الانهيار الحاصل؟ ومطالبتهم باتخاذ التدابير الفورية للمعالجة».

وفي موقف لافت، أشار المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان، في بيان، إلى أن «الانهيار الذي تشهده الليرة مقابل الدولار الاميركي في بيروت كبير جداً ويستدعي التوقّف عنده». وشدد على أن «المسؤولية الكبرى تقع على الحكومة وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الملاحق في العديد من دول العالم، بتهم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المزوّر».

وكان سعر صرف الدولار قد سجل ارتفاعات هيستيرية نهار أمس، وبلغ 140 ألف ليرة بالسوق السوداء ليعود أدراجه إلى الـ120 ألفاً في ساعات بعد الظهر إثر تعميم مصرف لبنان.

وأبدى خبراء اقتصاديون استغرابهم الشديد إزاء هذه الارتفاع الجنوني المفاجئ والانخفاض الكبير بيوم واحد وخلال ساعات قليلة، ما يؤشر وفق ما يقول الخبراء لـ»البناء» الى وجود غرفة عمليات تدير حركة الدولار صعوداً وهبوطاً على الإيقاع السياسي، موضحة أننا شهدنا يوم أمس مسرحية لا تختلف عن مسرحية الشهر الماضي الذي نفذها سلامة بإتقان، وهي ترك السوق للمضاربات على العملة من مصارف وصرافين وغيرهم، وعندما يرتفع الدولار يتدخل المركزي بتعاميمه السحرية، فيعلن عن شراء الدولار ولمّ الليرة من السوق لكي يمرر رفع سعر صيرفة «عالسكت» ويلهي المواطنين بانخفاض الدولار وبشرائه عبر منصة صيرفة وقبض الموظفين رواتبهم عبرها، فيما الحقيقة أنه اتفاق بين مصرف لبنان والحكومة لمصلحة الطرفين، حيث يستفيد «المركزي» بلمّ الدولارات على أسعار منخفضة من السوق السوداء ليشغل بهم صيرفة لأيام معدودة، وترفع الحكومة بدورها ايراداتها من الفواتير الرسمية المسعرة لتمويل إنفاقها وزيادة رواتب القطاع العام الشهر المقبل؛ وهكذا تتكرر المسرحية واللعبة الخفية بين الحاكم والحكومة، فيما يدفع المواطن ثمن المضاربات وارتفاع الأسعار والاحتكارات.

وانعكس ارتفاع الدولار على الأسواق وكامل مفاصل الحياة والقطاعات التجارية والوظيفية، إذ أعلن أصحاب المحطات وموزّعو المحروقات معلنين منح مهلة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى اليوم قبل البدء في التسعير بالدولار أو على سعر الصرف.

كما أعلن مجلس نقابة صيادلة لبنان «الصيدليات في لبنان الى الإقفال ابتداءً من اللحظة، الى أن يُعاد تسلّم الأدوية الى الصيدليات بالصيغة والآلية أيًّا تكن والتي يتّفق عليها المعنيون»، قبل أن يعود المجلس عن إضرابه مساء أمس بعد اتصالات سياسية أفضت الى «توقيع اتفاقية بين نقابة صيادلة لبنان ونقابة مستوردي الأدوية، تضمن تسليم الأدوية الى الصيدليات بشكل منتظم ضمن آلية محدّدة».

2023-03-22 | عدد القراءات 852