خلال مسار يمتدّ على ثلاث سنوات تحرك سعر صرف الدولار صعوداً بالغاً قرابة المئة ضعف. وخلال هذا المسار نفسه كان كل ارتفاع يسبقه تجاوز استثنائيّ لسقف السعر بطريقة مثيرة يعقبها إعلان مصرف لبنان عن رفع سعر صيرفة لبيع الدولار أرخص من السوق السوداء بأعلى من السعر السابق، فينخفض سعر السوق السوداء، لكنه يبقى أعلى من سعر صيرفة بانتظار جولة جديدة.
خلال هذا المسار أسقط مصرف لبنان حواجز حماية توهّم اللبنانيون انه يوفرها لهم، من كذبة الدعم التي أنفق عليها عدة مليارات من الدولارات، وتبين أن هدفها هو تجزئة اعتماد سعر السوق السوداء للاستيراد، وصولاً لانسحاب مصرف لبنان من سوق بيع الدولار للمستوردين، ومثله كان اعتماد سعر صيرفة لدولار استيراد المحروقات قبل إلغائه، بينما انتقل سعر صيرفة ليصير سعر احتساب فواتير الهاتف والكهرباء.
خلال هذا المسار ارتفع سعر صيرفة في ظل ارتفاع سعر السوق السوداء، وبذريعة خفضه، لكنهما واصلا الارتفاع معاً، واحد في ظل الآخر، واللبنانيون ينتقلون من مرحلة وجع إلى مرحلة الوجع الأصعب، ومصرف لبنان يعتمد استراتيجية حربية عنوانها الإنهاك والتقدّم، وبعضهم يصفق كلما تدخل مصرف لبنان ليعلن رفع سعر صيرفة لكن دون السعر الجديد للسوق السوداء فيقوم بتخفيضه ويصفقون لمصرف لبنان قبل أن ينتبهوا بعد حين إلى ارتفاع جديد ولعبة جديدة.
ما فعله مصرف لبنان الذي قام باستعمال ودائع اللبنانيين دون موافقتهم لتثيبت سعر الصرف، حتى قام بتذويبها عملياً، يقوم بتذويب ما تبقى منها مستندياً من خلال لعبة صيرفة وفق استراتيجية الإنهاك والتقدم، حيث تمّت إعادة احتساب ميزانية مصرف لبنان بطريقة تجعل قيمة ما بقي من الودائع قرابة الـ 10% مما كانت عليه مستندياً مع بداية الأزمة.
التعليق السياسي
2023-03-22 | عدد القراءات 913