" إنه الاقتصاد أيها الأحمق "

في عام 1992 قفز إلى المشهد السياسي الأمريكي قبل الانتخابات الرئاسية ، والتي كان يخوضها جورج بوش الأب لولاية ثانية ، وكان يظن ان إعادة انتخابه مضمونة وغير قابلة للتحدي ، خاصةً بعد الانتصار العسكري الذي حققه ضد قوات صدام حسين في الكويت … قفز الى هذا المشهد محام شاب يدعى بيل كلنتون ، وقام بتحدّي الرئيس بوش الأب … كان بوش الأب يروّج لنفسه معتمداً على الإنجاز العسكري الذي حققه ضد صدام حسين ، وإجباره على الانسحاب من الكويت بعد إلحاق الهزيمة بالجيش العراقي … ولكن ما حدث بعد ذلك من خسارته للانتخابات ، وإجباره على مغادرة البيت الأبيض لمصلحة شاب مغمور ، كان مفاجأة مذهلة له ولمنظمي حملته الانتخابية مما دعا الكاتب الأمريكي جيمس كارفيل الى اطلاق عبارته الشهيرة في تفسير الخسارة المذلة للرئيس الامريكي جورج بوش الأب … إنه الاقتصاد أيها الأحمق . يبدو ان هذا المشهد سنراه يتكرر في الانتخابات التركية بعد ثمانية أيام … فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومدراء حملته الانتخابية يخرجون على الشعب التركي المنهك اقتصاديًا ، بإنجاز تصنيعي حربي جديد … يتمثل بطائرة مقاتلة مصنوعة بالكامل في تركيا … كما انهم يتحدثون كثيرًا عن انجازات المسيّرة التركية البيرقدار … وكذلك تظهير اعلامي لدبابة متطورة من منتجات المصانع الحربية التركية … الشعب التركي يعاني من تضخم طاول عنان السماء … والليرة التركية في حالة من شبه الانهيار أمام الدولار … والرجل يبشرهم بأنه يستعد للحرب أيّما استعداد … وهو آخر ما يتمناه شعب تركيا بكل أطيافه وبكل تنوعه المذهبي والعرقي … خاصة بعد كارثة الزلزال التي محت مدنًا عن بكرة ابيها ، ووضعت اعادة الاعمار وانتشال الناس من نكبتهم أولوية الأولويات … قد يكون هذا الطرح الذي ينهجه أردوغان في حملته السبب الذي سيطيح به بعد ثمانية ايام … لأن الناس بحاجة الى الانقاذ الاقتصادي وليس الاستعداد للحرب .

سميح التايه 

2023-05-05 | عدد القراءات 637