ثلاثة ثمانيات في جلسة الإنتخاب
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- شكلت جلسة الانتخابات الرئاسية فرصة هامة لاحتساب توزع الأصوات في المجلس النيابي لأول مرة تحت ضغط سخونة الخيارات وشعور الأطراف المعنية في الداخل والخارج بعدم القدرة على تحمل أي هوامش لحلفاء مفترضين، بعد مراحل من الادعاءات والمبالغات في قراءة الأحجام والأوزان، سادت منذ إعلان نتائج الانتخابات النيابية، فبقي إنكار الاعتراف بعدم امتلاك غالبية نيابية من قبل القوى المناوئة للمقاومة رغم ما قالته انتخابات رئيس المجلس ونائبه، ونيل كل منهما 65 صوتا عبر تجميع أغلبيتين مختلفتين، في كل مرة بتحالفات مختلفة، وكان الجواب دائما، أن انتخابات رئاسة الجمهورية سوف تقول الكلمة الفصل لجهة وجود هذه الغالبية لكن ينقصها التوصل الى اختيار مرشح جامع يتيح تظهيرها، وها هي الفرصة قد جاءت، فماذا قالت؟
- الحصيلة الأولى التي قالتها النتائج هي أن قوى الرابع عشر من آذار قد عادت الى الواجهة على أنقاض ما عرف بكتلة التغيير التي انقسمت إلى أصولها المكونة، فخرج اليساريون بثلاثة نواب انضموا مع ثلاثة اقرب لهم هم نواب صيدا كي يمنحوا ستة أصوات للمرشح زياد بارود، بينما عاد النواب التسعة المتموهين باسم التغيير و المنضوين في قوى الرابع عشر من آذار، والملتزمين بانضباط بالخيار الميركي عندما تدق ساعة الحسم، الى معسكرهم الأصلي و منحوا أصواتهم مثل الشاطرين لصالح جهاد أزعور، ولو تحت شعار تجرع السم، أو "ببكي وبروح"، وبهم سقطت كذبة كلن يعني كلن، مع وقوفهم مع القوات اللبنانية وحزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، الذين يشكلون غالبية "كلن"، ولم يبق لهم خصم الا المقاومة ومن تتحالف معه، وهذه هي روح 14 آذار، لكن الفضيحة كانت ان قوى 14 آذار التي استعادت نواب الحزب التقدمي الاشتراكي الثمانية إلى صفوفها، بعد استراحة الانسحاب من ترشيح معوض لشهور، واستعادت نواب التيار الوطني الحر السبعة عشر، بعد سبعة عشر عاما من التفاهم مع حزب الله، واستعادت نواب التغيير التسعة بعد انفصال ودي منذ 17 تشرين، لم تنجح بكل هذا الجمع من تحقيق الأغلبية النيابية، وجاء سقفها منخفضا جدا مع رقم ال59 صوتا، أي انها مثلت من ال59 صوتا وحدها 34 صوتا فقط منهم 8 أصوات للاشتراكي، ، اذا احتسبنا للتغييرين 9 أصوات وللتيار الوطني الحر 16 صوتا، بفرضية ان نائب رئيس مجلس النواب وضع ورقة بيضاء كما يقولون، بينما كانت حصدت 71 مقعدا في انتخابات 2009 ، مقابل 57 مقعدا لقوى الثامن من آذار مع التيار الوطني الحر، منهم 21 مقعدا للتيار الوطني الحر، بحيث كانت قوى 8 آذار وحدها تملك 36 مقعدا فقط، وتأتي نتائج جلسة الناتخابات الرئاسية لتقول انه مع عودة 14 و8 آذار عنوانا للاستقطاب السياسي، فان 14 تقلص حجمها الى 34 صوتا منهم 8 أصوات اشتراكية ، بينما زاد حجم 8 آذارو حدها الى 51 صوتا، وهذا اول اختبار لها دون التيار الوطني الحر منذ انتخابات 2005 ، فكانت المفاجأة الأولى هي ثمانية أولى مثلتها هذه العودة على حصان ابيض لقوى 8 آذار.
- الحصيلة الثانية، هي بسقوط مزاعم الحديث عن المرشح سليمان فرنجية بصفته مرشح الثنائي الشيعي، وهشاشة الحديث عن إجماع وطني بوجه حزب الله، فالأصوات التي بقيت خارج اصطفاف 14 و8 آذار، وفق صيغة 2005 عندما كان لا يزال التيار الوطني الحر ضمن 14 آذار قبل الانتخابات النيابية، هي 18 صوتا كان يفترض تحالف 14 آذار بسبب تميزها عن قوى 8 آذار أنها حليف طبيعي مستهدف، وجاء الفشل في استقطابها يضيف الى الفشل العام بنيل الأغلبية النيابة المتمثلة بال 65 صوتا، فشلا جديدا، بينما كانت الثمانية الثانية هي الفارق بين حجم أصوات جهاد أزعور وأصوات سليمان فرنجية، وهي تمام الأصوات الدرزية في مجلس النواب، ما يعني أن كل من المرشحين نال مجموع 51 صوتا من الطائفتين السنية والشيعية والطوائف المسيحية، وأنه إذا كان فرنجية قد نال ال27 صوتا شيعيا في المجلس، فإنه جمع 24 صوتا من السنة والمسيحيين، وهذه الثمانية الدرزية تسقط كل الكلام عن تمثيل جامع وراء أزعور وتمثيل شيعي وراء فرنجية.
- الحصيلة الثالثة ترسمها الثمانية الثالثة، وهي الثمانية الاشتراكية، التي انتقلت إلى ازعور، والتي لو صوتت لصالح فرنجية لكانت النتيجة انقلبت لجهة ال59 وال 51 ، ما يعني أن النائب السابق وليد جنبلاط عاد الى دور بيضة القبان، وهنا ثمانية ثانية مستقلة صوتت باسم لبنان الجديد، كان معلوما أنها ترجح التصويت لصالح فرنجية فينتقل معها اضافة لتصويت جنبلاط الى 67 صوتا، وهذا يؤكد صحة الكلام قبل التقاطع الخارجي والداخلي على أزعور وتراجع الاندفاعتين الفرنسية والسعودية الايجابيتين، عن إمكانية حقيقية لفوز فرنجية، وهو ما يفسر الحملة التي قادتها القوات اللبنانية والكتائب تحت شعار التعطيل في تلك المرحلة، وهذه الفرضية تبقى قائمة مع أي تحول محتمل في المناخات الدولية والإقليمية.
- الثلاثة ثمانيات تعادل أربعة وعشرين، وهو مجموع أصوات التيار الوطني الحر والاشتراكي، الذي إذا أضيف إلى ال51 صوتا لصار مجموع أصوات فرنجية 75، وربما تكون معها ثمانية لبنان الجديد فيصير المجموع 83، ليرسم هذا الرقم عنوان تسوية محتملة قد تتأخر لكنها آتية ولو قرر بعض أصحاب هذه الأرقام البقاء خارجها، فإن محركاتها قادرة على تعويض النقص، حيث يكفي ان النصاب سوف تضمنه التسوية، وال 65 لصالح فرنجية لا تبدو بعيدة المنال.
2023-06-14 | عدد القراءات 408