– تلقى مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت في الجليل أربعة صواريخ بركان برؤوس متفجرة ثقيلة بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات، وعدة طائرات مسيرة انتحارية وعدد من قذائف الهاون الثقيلة، حتى لم يبق منه شيء كما كان، عشرات الغرف التي تأوي العسكريين ومكاتب القيادة تبعثرت، والساحات التي تضمّ الآليات اشتعلت فيها النيران، ونقلت التسجيلات المصوّرة للموقع مشهداً يظهر الموقع وكأنه قد تعرّض لهجوم شامل. ورغم ذلك اكتفت المقاومة في بيانها بالقول إنها أوقعت إصابات مؤكدة بالموقع، دون ذكر عدد الأفراد والآليات الذين تمت إصابتهم.
– تعتبر هذه العملية واحدة من أكبر عمليات جبهة المواجهة بين لبنان وجيش الاحتلال منذ حرب تموز 2006، وتكتفي المقاومة بالتحدث عنها بلغة هادئة وبتواضع الأقوياء، فتقدّم مثالاً ونموذجاً لعمل عسكري على درجة لا تلاقيها الجيوش المحترفة في الدول الكبرى، سواء في مستوى الإنجاز أو في درجة التحفظ في الحديث عنه.
– الأشد خطورة وحساسية هو أن المقاومة تفعل ذلك ضمن حساب دقيق لرد الفعل المتوقع من جيش الاحتلال، مرة تلو مرة، بصورة تضمن أن الجرعة الجديدة من التصعيد سوف تبقى ضمن سياق الرفع المتدرج لسقوف قواعد الاشتباك دون الذهاب الى الحرب عبر الحدود، أي بما يضمن عدم تعريض العمق اللبناني لمخاطر تدرك المقاومة أنها تملك قدرة إلحاق مثلها بعمق الكيان إذا تدحرجت المواجهة نحو الحرب الواسعة، لكنها لم تقرّر أن ذلك صار مخاطرة لا بد منها، فتحرص على دقة حساباتها بتحقيق نقلة تلو النقلة دون التدحرج الى المواجهة الأوسع.
– في بلاد تعيش مناخات العقلانية في ممارسة الخصومة السياسية، كان مثل هذا الأداء ليلقى أعلى درجات التحية والإشادة من الخصوم قبل الحلفاء، حيث المصلحة الوطنية الجامعة، بفرض مهابة القوة عبر الحدود في ظروف شديدة الحساسية في المنطقة، من دون تعريض عمق البلاد لأخطار إضافية.
– يزداد حق المقاومة بالتقدير لإنجازاتها، كلما كان هذا الإنجاز محاطاً بداخل لبناني سياسي تحكمه مناخات من اللاسياسة والجنون واللاعقلانية والكيدية، وكلمة الشكر على التضحيات التي تسدّدها المقاومة من رصيد دماء مجاهديها بالنيابة عن كل اللبنانيين، ليست كافية.
التعليق السياسي
2023-11-21 | عدد القراءات 235