سقوط رامبو
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- اشتغل الأميركيون على رسم صورة أسطورية لقوة جيوشهم، والأهم لقدرات خارقة لأجهزة مخابراتهم، وتجندت مؤسسة هوليود بشركاتها العديد لإنتاج أفلام بالمئات تسرد قصصا افتراضية لمعارك تحرير رهائن، واقتحام أماكن محصنة للاستيلاء على معلومات أو قتل شخصية معادية لأميركا، وكانت صورة رامبو البطل الأميركي الخارق تتكرر بأسماء أخرى ودائما تقديم صورة لتكنولوجيا فوق قدرة البشر، ومعرفة بكل الخفايا، وقدرات تدخل لا يمكن تخيلها ولا مقاومتها.
- حدث طوفان الأقصى، وبمثل ما كان زلزالا لكيان الإحتلال، وعبره للهيمنة الأميركية، قدم الطوفان صورة لفشل الاستخبارات الإسرائيلية والأهم لعمى استخباراتي أميركي، وإلا كيف نفسر فضيحة المقال الذي كتبه مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان قبل عشرة أيام من الطوفان، الذي ثبت أنه حصيلة إعداد امتد لشهور طويلة، ويتحدث سوليفان في المقال الفضيحة الذي أرسله للنشر في مجلة الفورين أفيرز، عن استقرار مديد في الشرق الأوسط وعن النجاح بتحييده عن قوس الأزمات للتفرغ للصين وروسيا، لو لم تكن أميركا لا تعرف شيئا عما يجري، وما جرى لاحقا على الملأ؟
- منذ مئة وعشرة أيام يجري ما هو أهم من الحرب استخباريا، وهو أن قوى المقاومة وضعت يدها على أكثر من مئة أسير من جيش الاحتلال بينهم رتب عالية، وقد استنفرت واشنطن وتل أبيب اجهزة الاستخبارات لديهما بأعلى طاقتها، وفعلت شبكات معلوماتها، وأقمارها الصناعية واجهزة التنصت، والطائرات المسيرة، واستنفار الأجهزة الحليفة والصديقة، وتسخير كل التكنولوجيا الحديثة، لمعرفة أماكن وجود هؤلاء الأسرى، أو بعضهم على الأقل، وأعلنت واشنطن ارسال وحدات متخصصة بعمليات خاصة لتحرير الأسرى، وحتى الآن النتيجة صفر.
- هذه الحصيلة تكشف حجم الكذب والمبالغة في رسم صورة اسطورية لقدرة المخابرات الأمريكية والغربية والاسرائيلية، حيث تمكنت قوى المقاومة في بقعة جغرافية ضيقة و محاصرة ومعزولة عن اسواق التكنولوجيا، هي غزة، من التمويه والإخفاء والتستر، مرة على عملية عسكرية ضخمة بحجم طوفان الأقصى، استمر الإعداد لها شهورا عديدة، وتاليا على أكثر من مئة اسير في ظروف حرب وقصف جوي وبري وبحري والتنقل بهم من أمكنة الى أخرى كما يروي الأسرى أنفسهم.
- من يستحق التمجيد و الاعتراف بتفوقه على كل اجهزة الغرب هي اجهزة استخبارات المقاومة في غزة على هذه القدرات الخرافية.
2024-01-20 | عدد القراءات 51