فرضيات مسار التفاوض حول غزة
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- بالرغم من أن الحرب التي شنت من جيش الاحتلال وبدعم أميركي مطلق قد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي من الهدفين المعلنين لها، استعادة الأسرى من قبضة المقاومة دون تفاوض ودون تبادل، والقضاء على قوى المقاومة وعلى رأسها حركة حماس، وبالرغم من التفاوض مع حركة حماس حول صيغة لتبادل الأسرى هو أكبر دليل على فشل الحرب، لأنه يتضمن إقرارا بالفشل في استعادة الاسرى دون تفاوض وتبادل، و يمثل اقرارا موازيا بأن حماس لا تزال موجودة وقادرة على مواصلة الحرب ولا بد من التفاوض معها، الا ان ذلك لا يعني تلقائيا تسليم واشنطن وتل أبيب بإعلان نهاية الحرب.
- يشكل التفاوض على إعلان نهاية الحرب جوهر العقدة التي تعرقل التوصل الى اتفاق، تبدو بنوده الأخرى أكثر يسرا، ذلك أن حركة حماس مستعدة للتنازل عن سلطتها الأحادية في غزة لصالح حكومة تشترك في اختيارها من التكنوقراط مع حركة فتح، وتكون مقبولة عربيا ودوليا وتتولى إدارة مرحلة إعادة الإعمار، وكيان الاحتلال مستعد للقبول بصيغ لتبادل الأسرى تقترب من منطقة وسط يمكن لقوى المقاومة ملاقاتها، وإذا حسمت مسألة إنهاء الحرب، فإن الجهات الدولية والعربية المعنية بالإغاثة واعادة الاعمار مستعدة للانخراط في ما هو مطلوب منها لانجاز المهمتين.
- المشكلة ليست في رهانات اميركية اسرائيلية على الحرب، بل في ما يعنيه إعلان نهاية الحرب، اضافة للمشاكل التي يثيرها الاعلان بوجه حكومة بنيامين نتنياهو، ويهدد بفرط عقدها، فالإعلان يطلق ديناميكية فلسطينية جوهرها انتصار خيار المقاومة وانتقاله إلى الضفة الغربية بقوة، ويطلق بالمقابل ديناميكية اسرائيلية جوهرها الفشل والهزيمة، والمقصود ليس فشل حرب أو هزيمة حكومة او زعيم، بل فشل الكيان وهزيمته، اىل حد تبدو فيه حرب الطوفان آخر حروب "إسرائيل"، حيث لا ثقة بعد اعلان نهاية هذه الحرب بالقدرة على خوض سواها، والكيان القائم على الجيش وقوته التي لا تقهر، سوف يدخل مرحلة الانحلال والتفكك بمجرد التسليم بالفشل العسكري عن خوض حرب، وقد خسر أبسط الحروب التي قد ينتظره ما هو أشد قسوة منها إذا نظر شمالا.
- يبدو مصير التفاوض على اتفاق الإطار ومن خلاله على الهدنة وتبادل الأسرى، مرهونا بما يحدث على جبهة إنهاء الحرب، ويبدو أن حركة حماس قدمت تسهيلات كثيرة في التسمية، بقبول استبدال مصطلح وقف نهائي للحرب، بمصطلحات ناعمة مثل التهدئة المستدامة وإنهاء الأعمال الحربية وسواها، لكن المشكلة تبقى اسرائيلية، ويبدو التفاؤل المفرط بقدرة الكيان على حلها نوعا من المبالغة الاستباقية المفرطة.
2024-02-08 | عدد القراءات 77