سيسجّل التاريخ وهو يكتب ، والمؤرّخون وهم يخطّون صفحات التاريخ ، أن غزة العزّة هي التي أسقطت الأقنعة بالجملة ، وبضربة واحدة ، وفي ليلة ما فيها ضو ، وأن بعض هذه الأقنعة التي تناثرت ذات اليمين وذات الشمال ، كانت تغطّي وجوهًا لعقود و عقود من الزمان ، وتخفي خلف تلك الرقيقة المصطنعة الناعمة الجاذبة ، وجوهًا بشعة قميئة مفعمة بالشرور ، يعتريها ملامح وعلامات تنضح كذبًا وخيانةً ورغبة في سفك الدم والنهب و ارتكاب كل الموبقات والخبائث … وجوه كانت تتباكى على العروبة وتتشدّق بانتمائها الدافق الى هذه الأمة ، ولكنها في الخفاء تنخرط حتى النخاع في ضرب مشروع المقاومة ، وتشارك في المحاصرة والتجويع ، وتغدق العطايا والعون للقاتل والمجرم والذي يحيل الأطفال والنساء إلى أشلاء وأجزاء في الشوارع والمستشفيات والبيوت … سقط قناع آخر عن وجه الرأسمالية الأوليغارشية والتي لطالما كانت تذرف دموع التماسيح على حقوق الانسان والمرأة والطفل وحرية التعبير وحرية الدين والعبادة … ثم تبدّى ذلك الوجه المقيت في ليلة السابع من اكتوبر ، فلم نر سوى كراهية ومقتاً وازدراءً لكل الحريات ، إلّا حرية التمييز والعنصرية والإلغائية والاقصائية والفاشية … سقط قناع الإعلام الكاذب الذي صدّع رؤوسنا على مدى العقود عن حرية التعبير و حرية الرأي ، فتدفّقت الأكاذيب والإفتراءات والتزييف بلا رديف من إثبات أو دليل أو بيّنة … سقط القناع عن وجه الكيان الشيطاني أمام شعوب الأرض من أقصاها لأقصاها … فتناثرت تلك الصورة الزائفة عن واحة الديموقراطية والقيم العليا وسردية الحمل الوديع المحاط بمجاميع الإرهاب والإرهابيين المتربّصين بهذا الشعب الطيّب المسالم … يتحيّنون الفرص لإلقائه في البحر بلا رحمة … سقط قناع أنظمة الخيانة المستتبعة المنبطحة سقوطاً مدوّياً ، وضبطت متلبّسة وهي تنصر القاتل الظالم الذابح لأطفالنا ونسائنا وتعينه على ارتكاب مزيد من الجرائم ، وتمدّه بكل أنواع المدد بينما تبيعنا أكاذيب الإنزالات والعواطف الزائفة … وأخيرًا وليس آخرًا سقط قناع أولئك المتّكئين على الأرائك والكنبات ، يصلّون في الليل وفي النهار ، ويطلقون اللحى ويبسملون ويحوقلون والمسابح والمساويك لا تفارق أيديهم ، و يصدّعون رؤوسنا عن منافع الايمان ، وحينما تستدعيهم لحظة الحقيقة ، والأطفال والنساء تتبعثر أشلاءهم في حارات وشوارع غزة ، يؤثرون الإنبطاح على الأرائك والتمتمة بعبارات مبهمة لعناً للكفار والدعاء عليهم … وأئمة في مساجد الطاعة المطلقة لولي الأمر كان عنوان خطبهم يوم الجمعة عن مبطلات الوضوء ، وتوخّي الحذر من ألاعيب الجنّ .
سميح التايه
2024-02-12 | عدد القراءات 123