ماتت ورقة الأسرى والكلمة للميدان
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- المقارنة بين أداء المقاومة في غزة خلال فترة الشهور السبعة التي أعقبت طوفان الأقصى، وأدائها في معركة ما بعد بدء الهجوم على رفح، سوف تؤدي إلى استنتاج مباشر يتصل بإظهار المقاومة قدرة عسكرية ميدانية تعادل أضعاف ما ظهر من قدراتها القتالية خلال الشهور الماضية، حيث خلال يومين زادت خسائر جيش الاحتلال عن 50 آلية متنوعة و100 اصابة بين قتيل وجريح، وهذه الأرقام لم تسجل في أي من الأيام التالية في معارك غزة منذ يوم الطوفان، باستثناء عملية الشجاعية و حادثة انفجار شاحنة محملة بالجنود والمتفجرات بقذيفة دبابة للاحتلال عن طريق الخطأ.
- هذا يعني ان المقاومة كانت تقاتل بجزء من قدراتها، مفسحة في المجال لحل تفاوضي مبني على اقتناع الاحتلال ومن خلفه واشنطن بلا واقعية الرهان على الخيار العسكري في تصفية قوى المقاومة وفي طليعتها حركة حماس، ولا واقعية الرهان على الخيار العسكري للوصول الى الأسرى لدى المقاومة، وبالتالي حتمية التفاوض لتحرير الأسرى والتسليم بنهاية الحرب، ويبدو أن قناعة المقاومة كانت مبنية على الاعتقاد بأن إنزال المزيد من الخسائر في صفوف جيش الاحتلال وعتاده قد يغلب السعي للانتقام على التفكير العقلاني بمسار الحرب، ولذلك فالقتال المطلوب هو الذي يسقط الرهان على الخيار العسكري دون أن يسيل الكثير من الدماء ويشعل المزيد من الحرائق، ويبدو أن شيئا مشابها كان يحكم أداء المقاومة على حدود لبنان الجنوبية، لجهة فعل ما يكفي للقول ان هذه الجبهة مصدر صداع اسمه التهجير، وان لا حل لهذا التهجير دون وقف الحرب على غزة، ولكن دون أن تسيل الكثير من الدماء او تشتعل الكثير من الحرائق، لأن ذلك قد يغلب مشاعر الانتقام على التفكير العقلاني.
- ما جرى بعد موافقة حركة حماس على العرض التفاوضي الذي قدمه الوسيطان المصري والقطري، بمعرفة وموافقة الأميركي حكما ومن دون حاجة للإثبات، هو تحول كبير وكبير جدا، فقد ظهر أن المسار التفاوضي بلا قيمة، وأن الأميركي الذي يشرف كل تفاصيل ما يقدمه وما يفعله الوسيطان القطري والمصري، مستعد للتنصل من العرض الذي تقبله المقاومة إذا رفضه الكيان، ومستعد لتجاهل موافقة المقاومة على أي عرض تفاوضي، ومستعد لتكرار مقولة سخيفة يعرف أنها بلا معنى قوامها أن التوصل لايقاف اطلاق النار ممكن فورا إذا أفرجت حماس عن الرهائن، ومستعد لتجاهل أن الكيان هو من عطل فرصة التوصل إلى اتفاق، وليس مستعدا للقول إن الكرة في ملعب الكيان كما فعل من قبل عندما قال ان الكرة في ملعب حماس، وجاهز دائما لتكرار كلام يسبب الغثيان عن فرص التوصل لاتفاق، ولا حاجة للقول إن الأميركي هو الحرب وهو المفاوضات، وطالما أن لا قيمة له في التفاوض فهذا يعني أن لا قيمة للتفاوض.
- وصلت المقاومة الى خلاصة تقول ان لا قيمة للجهد الذي تبذله ولا للوقت الذي تنفقه على المسار التفاوضي، طالما أن حكومة بنيامين نتنياهو تتوهم بجدوى الرهان العسكري، وتحصل على ما تريد من واشنطن سياسيا وعسكريا لخوضه، رغم الكلام المضلل عن تجميد شحنات عسكرية، وهذا يعني أنه مع موت المسار التفاوضي، موت الرهان على قيمة ملف الأسرى لجلب الكيان الى مائدة التفاوض، ولم يعد هناك قيمة تفاوضية لهذا الملف، الذي يبدو أن حكومة نتنياهو تفضل التعامل فيه مع قتلى لا مع اسرى، وبالتالي لا شيئ سوف يوقف الحرب، لا ضغوط دولية تحت عنوان الحل التفاوضي، طالما ان اميركا هي المفاوضات وهي الحرب، ولا ضغوط داخل الكيان للإفراج عن الأسرى عبر التفاوض، وما سوف يوقف الحرب هو شيء واحد، العجز عن مواصلة خوضها، أي بلوغ الخسائر في الجنود والضباط العتاد في جيش الاحتلال المستوى الذي يجعل وحداته غير قادرة على مواصلة الحرب.
- هذا ما تقوله حال جبهتي الشمال والجنوب خلال أيام قليلة مضت.
2024-05-15 | عدد القراءات 157