سميح التايه : عهود و مواثيق

منذ اللحظة الأولى التي جلس فيها " الاسرائيلي " على طاولة المفاوضات في أوسلو ، كان يضمر عدم التنازل عن الضفة الغربية ، والتي يطلق عليها تلمودياً ، يهودا والسامرة ، وكان التحدث عن حلّ الدولتين النهائي هو بمثابة ذرّ للرماد في العيون ، وهو للتمويه والإطالة والتورية … أما الجانب الفلسطيني بقيادة دعبس ، فلقد كان يدرك في اعماق ذاته ان " الاسرائيلي " لن يفرّط في الضفة الغربية ، وبالتالي لن يسعى الى حل الدولتين ، ولكنه كان يطنّش عن ذلك ، كما كان يطنّش عن التوسع الاستيطاني ، لأنه كان ممسوكاً من تلابيبه بسبب المنافع والمكاسب المادية التي كان يحققها من خلال ولديه في الخليج ، كمكافأة له على التفريط بالأرض وبالمقدسات وبحق العودة … بالتالي لم يقم بفعل اي شيءٍ للتصدي للاستيطان والقضم المتواصل لما تبقّى من فلسطين طوال ثلاثين سنة من التفاوض العبثي … هم يتفاوضون على أساس الموازين الآنية للقوة ، وهم يبيّتون النيّة منذ البداية لنقض أي اتفاق يصار الى انجازه بمجرّد ان يستجد في المستقبل أي تغيير في موازين القوى … وهم يعتبرون ذلك شيئًا طبيعيًا … لذلك فإن الانفاق ، أي اتفاق ، مع الصهاينة أو مع الاوليغارشية الغربية هو هراء ، ولا يحمل في طياته أي الزام او التزام … لقد مزق ترمب الاتفاق النووي مع إيران بمجرّد أن وصل الى قناعة بأن هذا الاتفاق لا ينفعه … ولذلك فإن التفاوض مع هؤلاء لا يجدي فتيلًا ، كما ان توقيع الاتفاقيات معهم هو مضيعة للوقت والجهد مهاً ، والأولى دائماً هو تعزيز القوة الصلبة ، ومراكمة عناصر القوة بكل اشكالها ، وبالذات القوة العسكرية … لن يردعهم شيء في هذا العالم ، إلّا استيقانهم بأن الدخول في صراع معنا سينتهي بهزيمتهم ، وان الكلفة ستكون باهظة لا طاقة لهم بها … براجماتيون حتى النخاع ، لا يحسّون إلّا بالملموس ، ولا يرون إلّا الظاهر ، ولا يقدّمون أي تنازل إلّا بإجبارهم ، وبالقوة الماحقة على تقديم التنازلات ، والتفاوض معهم ، وعقد الاتفاقيات لا يزن شروى نقير من دون قوة تعزّز ذلك التفاوض وتلك الاتفاقيات والمعاهدات .

سميح التايه 

2024-05-17 | عدد القراءات 308