اذا كان فوكوياما ، في استشرافاته عن نهاية التاريخ يعني ان التاريخ كما عهدناه قد انتهى بانبعاث انسان جديد فيما وراء الأطلسي يتمتّع في الظاهر بمظهر انساني ، ولكنه في الفحوى وحش ألغى طواعية ذاته الانسانية ، التي كانت تحتفظ بقدر ما من القيمية والأخلاقية ، واستبدلها بنهج إلغائي عنصري فاشي لا يرى في الآخر إلا مخلوقات تستوجب الاستئصال … اذا كانت نهاية التاريخ هكذا ، فأنا أتفق معه تمامًا … فتش عن أمريكا … اينما تجد الظلم والقتل والإبادة والسلب والنهب لثروات الشعوب ، فتش عن أمريكا … أمريكا منخرطة في عملية الإبادة الجماعية في غزة بالمباشر وليس بغير المباشر … تسليحًا وتمويلًا ، وبالتغطية السياسية والإعلامية ، بل وبالخبرات القتالية والمخابراتية ، وهي رأس الحربة في كل هذا التقتيل والتفنن في الإبادة والتطهير العرقي … لن يردّ على كل هذا التوحّش والانعتاق المطلق من أي قيمة أخلاقية انسانية بالتمنيات وبالنوايا الحسنة … نحن بإزاء الوحش من دون رتوش ومن دون أقنعة وبلا اصطناع … كل من يحاول ان يخادع ذاته ويضطرها الى قناعة ثبت بمليون دليل مغموس بالدم حتى ما بعد الإشباع ان هذه الامبراطورية القابعة بعيدًا فيما وراء الأطلسي ، والتي أنشئت بعد شلالات من الدم بلا حدود ، وعلى جثامين وأشلاء شعوب أخرى بالقتل والذبح والسلخ والإبادة بلا رحمة … كل من يمد يداً باحثةً عن العدالة والإنصاف والسلام هو واهم حتى النخاع … لن تحبنا هذه الإمبراطورية إلّا أمواتًا … ولن يغيرهم إلّا هزمهم ، وهزم مشروعهم … سواءً مشروع الكيان الاستئصالي ، او مشروع أمريكا الاستعماري ، أو مشروع الأعراب الإستتباعي .
سميح التايه
2024-06-09 | عدد القراءات 95