الانتخابات السورية معلبة ام لغة الخصوم خشبية ؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- تجري في روسيا انتخابات رئاسية يجمع مؤيدو الرئيس الروسي وخصومه على أنها شهدت أعلى نسبة مشاركة داخل روسيا وخارجها، وصلت الى 77% من الناخبين، وانتهت بفوز الرئيس فلاديمير بوتين ب87% من الأصوات، وبينما لا تملك وسائل الاعلام الغربية العملاقة اي سبيل للتشكيك بصحة الأرقام، التي يشهد عليها طابور وصل إلى كلم خارج السفارة الروسية في لندن ومثله في روما، وتؤكد التحقيقات المراسلين الغربيين في العاصمة موسكو والمدن الروسية حيث قال المواطنون الروس أنهم جاؤوا لقول نعم للرئيس بوتين في مواجهة حملة عنصرية غربية ضد كل ما هو روسي، ورغم ذلك يخرج الخطاب الرسمي في الغربي مستهزئا بهذه الانتخابات، لاعتبار واحد هو أنه ليست هناك تغييرات في السياسات الروسية تجاه الغرب والحرب مع أوكرانيا سوف تنتج عن هذه الانتخابات، وكأن الغرب في حالة إنكار، منطقه ان صحة العملية الديمقراطية عنده ليست بقياس مدى تعبيرها عن ارادة الشعوب عبر صناديق الاقتراع، بل مدى توفير الصناديق لفرص تخدم السياسات الغربية، ولذلك عندما يسأل الغرب عن أسباب تراجعه وفشله ينسى ان الجواب هو في هذه العنصرية والعنجهية والابتعاد عن الواقع، ولعل الناخب الأكبر في هذه الانتخابات كانت الاجراءات التي رافقت موجة العقوبات التي قررها الغرب ضد روسيا ولاحقت اللغة الروسية ورموز الأدب الروسي وراقصي البالية الروس وكتب تولستوي وموسيقى تشايكوفسكي.
- في إيران تجري انتخابات رئاسية استثنائية في غير موعدها لملء الشغور الناجم عن وفاة الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي في حادث جوي تسبب في تحطم المروحية الرئاسية و وفاة وزير خارجيته وعدد من معاونيه معه، ويتم إعلان لائحة الترشيحات المقبولة دستوريا وفيها اسم المرشح الاصلاحي مسعود بزشكيان، فتخرج التعليقات الغربية تعزف لحنا واحدا، ان تمرير اسم مرشح اصلاحي ضعيف هو لشرعنة فوز مرشح محافظ قوي، وتنتهي الجولة الأولى من الانتخابات ويبدو أن بزشكيان سينافس المرشح المحافظ سعيد جليلي في الدورة الثانية، وتنقسم التعليقات الغربية بين نصف يحرض على النظام الإيراني بترويج تقارير عن تزوير وضغوط لمنع المرشح بزشكيان من الفوز، و نصف يقول ان بقاء بزشكيان للدورة الثانية مناورة للايحاء بصدقية انتخابات مصممة لفوز جليلي، وتنتهي الانتخابات بدورة ثانية شهدت مشاركة غير مسبوقة لامست ال50% من الناخبين، وبزيادة 20% عن الدولة الأولى بلغت 6 ملايين ناخب من الشباب والنساء ويفوز المرشح الإصلاحي بزشكيان، فيقدم له المرشح المنافس المحافظ جليلي التهنئة مبديا الاستعداد للتعاون معه، ويعلن الرئيس الفائز انه منفتح على اعادة التفاوض على امللف النووي الايراني مع الغرب واعادة العلاقات الطبيعية معه، غينقسم التعليق الغربي بين نصفين، نصف يمثله جون كيربي الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي يقول أن واشنطن غير مهتمة بالعودة للتفاوض مع ايران، ونصف ثان تمثله الواشنطن بوست يقول ان انتخابات الرئاسة لا تغير شيئا في السياسات الايرانية التي يبقى قرارها عند مرشد الجمهورية الإمنام الخامنئي، متجاهلة انه في ظل الإمام الخامنئي تم التوصل الى الاتفاق النووي مع ايران وفي ظل رئيس اصلاحي، وأن من الغى الاتفاق هو الرئيس الأميركي دوتالد ترامب وليس الرئيس الايراني المحافظ الذي خلف الرئيس الاصلاحي.
- في الغرب تجري انتخابات، ويجري التحضير لانتخابات، وبينما نسمع تحذيرات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي نجا من محاولة اغتيال، من أن أميركا عشية حرب أهلية، نسمع تحذيرات ما قبل الخسارة المدوية لحزب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الانتخابات من حرب أهلية مماثلة، وكذلك في كيان الاحتلال يخرج بطل الديمقراطية الغربية بنيامين نتنياهو الحائز على أوسكار جرائم الحرب في غزة، محذرا من حرب أهلية، لكن أحدا في الشرق لا يخرج يتذاكى على الانتخابات الغربية، أو للسخرية من احتكام الشعوب للانتخابات وصناديق الاقتراع، ويتابع الجميع باهتمام مسار الانتخابات والمنافسة والنتائج.
- في سورية لا تزال صورة انتخابات عام 2014 الرئاسية التي شهدت السفارة السورية في بيروت احدى جولاتها، حاضرة في ذاكرة كل من يتابع الوضع في سورية، لجهة تأكيد أن خيار الشعب السوري الى جانب الرئيس بشار الأسد ليس ثمرة الضغوط المفترضة داخل سورية التي تتحدث عنها المنصات الغربية، ولعل البعض لا يزال يذكر تقريرا للمخابرات الاميركية عام 2018 قال انه اذا جرت الانتخابات بين السوريين المقيمين والنازحين في ظروف حرة فإن الرئيس الأسد سوف يفوز ب 65% من الأصوات، وفي سورية ورشة بدأت في حزب البعث العربي الاشتراكي حملت وجوها جديدة الى صفوف القيادة و ترافقت مع وثائق وبرامج عمل طموحة لتغيير قواعد علاقة الحزب بالدولة والشعب، وتأتي انتخابات مجلس الشعب السوري أمس محاولة لترجمة الخطوة الأولى على هذا الطريق، وقادة الغرب ومنصات الغرب الاعلامية كالعادة، منقسمون بين نصفين، نصف يقول ان الانتخابات معلبة معلومة النتائج، ونصف ثان يقول ان لا شيء سوف يتغير لأن السياسات العليا للدولة يقررها الرئيس بشار الأسد، وكأن صاحب هذا القول يكتشف البارود، لكن السوريين يمضون في طريقهم، ينتخبون ويخوضون غمار تجربة اعادة بناء بلدهم سياسيا، ومحاولة رسم خريطة طريق للنهوض الاقتصادي، في ظل تصويت يطغى عليه الاحساس الشعبي بان الغرب يخوض ضدهم حرب تجويع لا تختلف عن تلك التي يخوضها كيان الاحتلال على غزة، والسبب واحد والهدف واحد، ولذلك كما يبدو قدر الفلسطينيين ان ارادوا ان يكون لهم وطن ودولة ان يتحملوا تبعات وعواقب حروب التجويع والابادة، فان قدر السوريين وقد انقذوا وطنهم من خطر السقوط ان وياصلوا مسيرة انقاذه من مخاطر التقسيم وان ينجحوا بطرد الاحتلال وان يتحملوا في سبيل ذلك حرب التجويع والحصار.
2024-07-15 | عدد القراءات 91