مأزق نتنياهو والطريق المسدود وكلمة السيد.
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يستطيع بنيامين نتنياهو أن يوهم مناصريه وبعضا من الأغبياء في الرأي العام العربي والغربي أنه ذاهب الى واشنطن لتغيير معادلة الحرب، لكنه يعلم أن مشكلته ليست في واشنطن، فما يريده من واشنطن يحصل عليه دون عناء، تمويلا وتسليحا وحماية من المساءلة عن ارتكاب الجرائم، و سواء فاز الديمقراطيون ام فاز الجمهوريون في الانتخابات، فإن ما يحصل عليه الكيان من أميركا لن يتغير، ولكنه لن يحصل على أكثر منه، فلن تنخرط أميركا الديمقراطية أو الجمهورية بجنودها في حرب تفاداها باراك أوباما ودونالد ترامب على حد سواء، عندما تولى كل منهما منصب الرئاسة، ومن ينسى يجدر تذكيره أن ترامب كان هو الرئيس الأمريكي عندما وقع الهجوم على أرامكو عام 2019، وكان هو الرئيس عندما أسقطت الطائرة الأميركية التجسسية العملاقة بصاروخ ايراني.
- نتنياهو متمسك بالمضي بحربه أصلا لأنه يعلم أنه مهما كان تفاعل الرأي العام العالمي والغربي خصوصا، والأميركي بالأخص، مع القضية الفلسطينية، فإن ما تحظى به أي حكومة في الكيان من مساندة في المال والسلاح والحماية سيستمر، وهو يمضي بحربه لأنه أيضا يدير ظهره لرأي عام داخلي مناهض للحرب، طالما أنه يحظى بأغلبية في الكنيست تحمي بقاء حكومته، ويمضي في حربه طالما أن تذمر الجيش وصراخه وأنينه لم يتحول الى تمرد على الأوامر، وطالما أن قيادة الجيش المتورطة بالمسؤولية مثله فيما جرى في 7 أكتوبر لا تملك شجاعة المواجهة خشية المساءلة، وقد وجدت بطاعة الحكومة أفضل بوليصة تأمين للقول أنها تنفذ قرار الحكومة ولا تشترك في صناعة القرار.
- لكن نتنياهو المرتاح إلى ثلاثية الاسناد الأميركي والغالبية في الكنيست وطاعة الجيش، يدرك أنه فقد قوة الاندفاع التي بدأ بها الحرب، وأن ما خسره غير قابل للتعويض، فما تحول في اتجاهات الرأي العام الغربي قد تحول وانتهى، وهو مستمر بالتصاعد، والسمعة السيئة لكيان الاحتلال وجيشه تلاحقهما وتتفاقم، وبالتوازي تبخرت نسبة ال94% من مؤيدي الحرب في الكيان وحلت مكانها نسبة 27% مقابل 72% يؤيدون وقف الحرب، والجيش الذي كان في ذروة الشعور بالقوة والجاهزية للحرب، بات جيشا منهكا و مفككا، بلا روح بلا معنويات وبلا آليات وبلا ذخائر وبلا عدد كاف، ولا سبيل لاستعادة أي من الخسائر التي أصابت مصادر القوة في اليوم الأول للحرب، بل لا سبيل لوضع حد لتمادي هذه الخسائر.
- يعرف نتنياهو أن ما ينطبق على الاطمئنان للدعم الأميركي لا يصح في عنصري التماسك الداخلي والالتزام بمواصلة الأداء الحربي للجيش، فأنين الجيش وصراخه بدأ يتسع تأثيره في الرأي العام، ويصل الى مسامع أعضاء الكنيست والحاخامات، وبدأت دائرة الرفض تتسع، ونتنياهو لا يستطيع ضمان عدم اقتراب اللحظة التي يخرج فيها الضباط الكبار لقول كلمة كفى، الحرب باتت مصدر خطر على أمن الكيان واستمراره ومصادر قوته، والجيش لن يسمح بدفعه نحو الانهيار، كما لا يستطيع ضمان عدم اقتراب لحظة يخرج فيها عشرة من نواب الكنيست للقول انهم لن يمنحوا الثقة للحكومة ما لم تعلن وقف الحرب.
- يعرف نتنياهو أن طريقه مسدود، وأن لا وصفة يمكن أن تعكس الاتجاه، وهو لذلك يفعل شيئا واحدا، بلا استراتيجية خروج من الحرب، أنه يشتري الوقت ليس الا، زيارته الى واشنطن وخطابه أمام الكونغرس واللعب بالأوراق الانتخابية الأميركية، كلها لن تغير شيئا في عوامل تآكل مصادر القوة في الكيان والجيش والحرب، ولأن نتنياهو يريد شراء الوقت فهو باع الجيش والرأي العام في الكيان كذبتين، الكذبة الأولى أن ما أسماه المرحلة الثالثة من الحرب في غزة، أي إعادة تموضع الجيش خارج مناطق الكثافة السكانية والاحتكاك بقوى المقاومة، سوف يؤدي لتخفيض التصعيد في غزة، وتاليا في شمال فلسطين، والثانية أن هذا سوف يجعل فرص التوصل الى اتفاق أكبر، وأن التوصل الى اتفاق في غزة يعني ان اتفاقا جاهزا على جبهة لبنان سوف يوضع قيد التنفيذ.
- تحدث السيد حسن نصرالله في عاشوراء، وقال إن المرحلة الثالثة لا تعني المقاومة، وما يعنيها هو وقف الحرب عبر اتفاق ترضاه المقاومة، ثم قال إن لا صحة لما يشاع عن وجود اتفاق جاهز لجبهة لبنان، وان طبيعة أي ترتيبات مفترضة على جبهة لبنان سوف تقررها أوضاع الجبهة حينها، وهكذا تعطلت بكلمات السيد مفاعيل لعبة شراء الوقت التي أرادها نتنياهو، وعاد المأزق الى المربع الأول، المفاوضات مع المقاومة في غزة هي طريق الوصول إلى اتفاق.
2024-07-19 | عدد القراءات 64