نقاط ع الحروف 31/7/2024

من الصفيح الساخن إلى حافة الهاوية

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- ما قام به جيش الاحتلال بعدوانه على الضاحية الجنوبية واستهداف قيادي كبير في المقاومة، بمعزل عن النجاح والفشل، هو قرار بتغيير قواعد الاشتباك التي كان استهداف الضاحية وفقها يمثل مخاطرة بالذهاب الى حرب كبرى وربما حرب إقليمية، والاحتلال يريد ان يقول ان هذا النوع من العمليات أصبح على جدول أعماله ولا يجب أن يؤدي الى حرب كبرى، أي أنه يجب على المقاومة أن تتأقلم مع هذا التعديل لقواعد الاشتباك الذي يفرضه الاحتلال وينتزع بموجبه اليد العليا من المقاومة، بعدما نجحت خلال عشرة شهور بإثبات تفوقها في الإمساك بزمام المبادرة ورسم قواعد الاشتباك المتحركة.

- قرار بهذا الحجم وما ينطوي عليه من مخاطر، لم يقدم عليه كيان الاحتلال يوم الرد الايراني الرادع، رغم رغبته وسعيه الحثيث للرد على العمق الإيراني بحجم الرد الايراني، واضطر لصرف النظر بسبب القرار الأميركي الملزم لقادة الكيان بعدم الرد، وهذا يعني أن القرار الأميركي الذي منع الرد على الرد الايراني، خشية الذهاب الى الحرب الكبرى وتورط اميركا فيها، هو الذي سمح للكيان بالمخاطرة بتعديل قواعد الاشتباك على قاعدة الافتراض بتثبيت هذه التعديلات، وإثبات أنها لا تأخذ المنطقة الى الحرب الكبرى.

- لم يتغير القرار الأميركي بتفادي الحرب الكبرى، والذي تغير هو أن المخاطرة على حافة الهاوية بهدف تعديل قواعد الاشتباك بات مسموحا، ووضع المقاومة بين خياري التأقلم مع التعديل او المخاطرة بالذهاب الى الحرب الكبرى من طرفها، وهذا التغيير الذي تم إنتاجه خلال زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الى واشنطن، خارج اطار اللعبة الاعلامية التي قام بها نتنياهو من منصة الكونغرس الأميركي، بناء على صفقة أميركية إسرائيلية، تربط التصعيد بسعي أميركي للتملص من المطالبة بسحب قواتها من العراق وسورية، وبتفويض اسرائيلي لواشنطن في ملف المفاوضات حول اتفاق غزة، ضمن سياق التزام أميركي بالسعي لتعديل الاتفاق وفقا لطلبات تم الاتفاق عليها مع نتنياهو، وهذا التغيير يأخذ المنطقة حكما الى تصعيد كبير، وهو التصعيد الذي تحدث عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل موعد انفجار صاروخ مجدل شمس، بما يضيء على وظيفة الصاروخ ومن يقف وراءه متعمدا، وليس بطريق الخطأ.

- أسقط أهالي مجدل شمس والجولان نصف أهداف صاروخ مجدل شمس، بطردهم لنتنياهو ورفض شن حروب بذريعة دماء أبنائهم، وساند انجازهم موقف زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فصار الاستقطاب واضحا، بعد فشل مشروع التلاعب بالاصطفافات، وجولة التصعيد التي نحن في قلبها تأتي من طرفين، امريكي واسرائيلي، هما الأضعف في معادلات القوة في الإقليم، وهما الجهة العاجزة عن تحمل تبعات الذهاب إلى حرب كبرى، والتذاكي لا ينفع في مواجهة الذكاء، والمقاومة التي لا تهاب الحرب الكبرى، جاهزة للعب على حافة الهاوية، وسوف ترد كرة النار إلى ملعب الكيان، ضربة موجعة تكسر قواعد الإشتباك، ومن خارج العلبة التقليدية للأهداف، تقول للاحتلال، يجب أن تتأقلم مع هذا النوع من الضربات دون أن يؤدي ذلك إلى حرب كبرى، وان اردت الذهاب الى الحرب الكبرى عليك أنت المبادرة وتحمل التبعات، وربما يرد الاحتلال بعملية أعلى درجة من عملية الأمس، ويأتيه الرد على الرد بأعلى وأعلى، وهكذا نقترب من حافة الهاوية، بين طرف يريد الحرب الكبرى لكنه يخشاها، وطرف لا يريد الحرب الكبرى لكنه لا يخشاها.

- أمس صعدت المنطقة درجة جديدة في سلم التصعيد، وسوف تصعد مع رد المقاومة درجة مقابلة، ويبدو أن واشنطن وتل أبيب تحتفظان بمنصة التفاوض حول غزة، بصفتها استراتيجية خروج، عندما تصل الأمور إلى نقطة الخطر الحرجة، يتم تسريع القبول باتفاق، يعلمون ان اعلانه سوف يوقف الحروب على جبهات الاسناد.

- هذا هو الانتقال من التفاوض على صفيح ساخن الى اللعب على حافة الهاوية، وهو خير تعبير عن مأزق واشنطن و تل أبيب، حيث الذهاب للحرب مصيبة، والقبول بشروط المقاومة لوقفها كارثة.

 

2024-07-31 | عدد القراءات 86