هل هي الحرب الكبرى أم حافة الهاوية؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- نحن في قلب الحرب المفتوحة، مفتوحة زمنيا و مفتوحة سقوفها على الاحتمالات، لكنها ليست بعد الحرب الكبرى، إذا وصفنا الحرب الكبرى بتلك الحرب التي تسقط معها كل الضوابط والسقوف والخطوط الحمراء، وهذه الضوابط والخطوط الحمراء التي توصف الحرب الكبرى لا تزال تتمثل من جهة، باستهداف العمق السكاني في العاصمة أو ضاحيتها على الأقل بصورة عشوائية، و استهداف البنى المدنية الخدماتية من مطار ومرفأ وكهرباء واتصالات ومستشفيات وسواها، ومن جهة موازية باشتعال الجبهات في محاولة التقدم البري، بواسطة فرق المشاة والآليات، لكن عدد الشهداء والجرحى وحجم اتساع الاستهداف جغرافيا وشموليته يضعنا على حافة الهاوية لبلوغ الحرب الكبرى.
- بالتأكيد ليس ما يجري مجرد غضب ولا إنتقام، وفيه بعض من هذا وذاك، لكنه يجري بوظيفة سياسية، وأمامنا اليوم حصيلة اعتداءات وجرائم تقارب ال10 آلاف بين شهيد وجريح خلال أيام قليلة، وحصيلة أمس وحدها تسجل أعلى رقم للشهداء والجرحى في يوم من الحرب منذ 7 أكتوبر طوفان الأقصى، والهدف يرتبط بالسعي لتعويض الفشل بالمزيد من النار، والفشل هو في قدرة حزب الله على احتواء الضربات التي كانت مصممة لاسقاطه بالضربة القاضية المصممة أميركيا والتي تفوق قدرات كيان الاحتلال وجاءت هدية تعوض حال الانهيار التي عاشها قادة الكيان بعد ضربة ال 8200 التي أحبطت عمليات الاغتيال وما صمم بالترابط معها أميركيا بهدايا هي ملفات الاغتيال والداتا المرتبطة بالقادة المستهدفين، فخرج قادة الكيان يقولون لا نريد الحرب ولا التصعيد قبل أن تصل جرعات الدعم ، وهذا معنى أن يتم استهداف 5 بالألف من بيئته و5% من بنيته بضربة واحدة، أي ما يعادل 50 ألف جندي أميركي و175 ألف مدني أميركي بين قتيل وجريح بضربة واحدة خلال ثواني، وهو ما يعادل عشرين مرة ما حدث في 11 ايلول 2001، عبر استهداف برجي التجارة الأميركية، وأن يخرج حزب الله في اليوم التالي لاستئناف جبهة الإسناد بكفاءة أعلى استدعى هدية اميركية لاحقة، هي عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية وربما الطائرة التي نفذتها والقنابل التي استخدمتها، لكن حزب الله مجددا احتوى الصدمة وذهب الى حيفا بصواريخه نحو مؤسسات الثقل الاستراتيجي للكيان، محققا بنفس الوقت معادلة، تريدون اعادة المهجرين بالقوة، سوف يزيد عدد المهجرين.
- المعادلة الجديدة التي يحاول قادة الاحتلال خلقها بواسطة هذا الشلال من الدماء، هي توازن ضغط قضية التهجير، ذلك أن المهجرين من شمال فلسطين المحتلة، ليسوا أكثر عددا من مهجري جنوب لبنان، لكنهم معضلة سياسية بعكس مهجري الجنوب المحافظين على مساندتهم للمقاومة وصبرهم على المعاناة، وفي الكيان التهجير المتمادي والمتفاقم يتحدى صورة الجبروت وقدرة الردع الإسرائيلية، بينما في لبنان هو ثمن لابد منه ترجمة للوقوف وراء المقاومة، لذلك يجري التوجه لخلق معادلة جديدة تهجير أعداد أكبر بكثير ليست بالضرورة من ذات صنف مؤيدي المقاومة، وحجمها فوق قدرة المقاومة على الاحتواء و الإيواء، وتحويل قضية مهجري الجنوب الى قضية وطنية تضغط على العمق اللبناني طلبا لحل سريع، هو ما يراهن عليه امريكا واسرائيليا لفتح باب التفاوض على معادلة وقف النار بمعزل عن غزة وإعادة المهجرين على جانبي الحدود.
- ردود حزب الله التي تستهدف المنشآت الاستراتيجية لجيش الاحتلال، لكنها تصيب عمق الشمال الجديد في حيفا، وتفتح طريق المزيد من التهجير، واقامة توازن أشد قوة في التهجير نفسه، لكنه تهجير يحمل عنوانا سياسيا يدفع قيادة الكيان نحو أحد ثلاثة أبواب، قصف العمق اللبناني وتلقي الرد المماثل بما يتضمن من مفاجآت، أو تفعيل الجبهة البرية واكتشاف ما ينتظر جيش الاحتلال عندها، او العودة الى المربع الأول المتمثل باتفاق حول غزة ينهي الحرب حتى يتوقف إطلاق النار على جبهة لبنان ويعود المهجرون.
- نحن على حافة الهاوية لأن التوجه الأميركي بدعم الكيان لا يزال عند وهم فصل الجبهات والتمهيد لاتفاق في غزة بشروط الاحتلال، وهذا يجعل الخيارات بين حرب الأعماق التي يخشاها الكيان ويريد من حزب الله أن يبدأها، وهو لم ولن يفعل، وإلا فنتوقع على طريقة حرب تموز 2006 ولكن أسرع بكثير الاندفاع نحو اختبار الحرب البرية التي ينتظرها المقاومون بفارغ الصبر.
- هذه الجولة تضعنا أمام استحالة النهايات الرمادية.
2024-09-23 | عدد القراءات 45