صباح القدس وصباح نصرالله
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- صباح القدس وصباح نصرالله، وما أشرقت شمسها الا لعينيه…والله، وقد رأينا في وجهه وجوه الأنبياء والأئمة ووجه الله، وقد ملأ الدنيا نورا يمنح الكلمات روحا، كلمة تضحك وكلمة تبكي وكلمة تداوي جروحا، إن تبسم ضحكت قلوبنا وإن غضب فاضت الشرايين قروحا، وان لوح بالسبابة وقفنا ونحن جالسين، واما ان بكى على الحسين او اليمن او فلسطين او العراق، قلنا الى الحرب هلموا دقت ساعة الفراق.
- صباح القدس لمن كنا كلما ساورنا الشك جئناه يقطعه بسكين اليقين، معه اكتشفنا من يصالحنا مع الدين، وقد أعاد للنص اشعاع النور، وحده اشعل الحرب لأجل فلسطين، بعدما نام العرب قرونا ودهور، رد الاعتبار للحرب ورد الاعتبار للعرب، وأعاد وهج القدس، وحولها من مأتم الى عرس، بصدقه اقفل باب الفتن، وعلى يديه صار لنا وطن، حبه أسقط الحدود بين الطوائف والمذاهب، ومعه تحولت الأمة من ملعب الى لاعب، وصارت بلادنا رقما صعبا على جدول أعمال الكبار، بعدما كانت صفقة في حقيبة سمسار، او ورقة على طاولة قمار.
- صباح القدس لمن جنبنا التعب وتحمل وحده المتاعب، وواجه وحده الأخطار والمصاعب، سخر مما اغوى سواه، من مال وجاه، ولقب السيد عنده كان اعلى المناصب، ان تخيلنا الاخلاق في رجل ما كان سواه، ومن يجسد الفروسية عداه، او من يحول العلم الى طبق يومي للفقراء لولاه، وقد فك لهم كل تشفير السياسة، بعدما طهرها من كل صنوف النجاسة، وصالحها مع الأخلاق، وعلمنا كيف نكتشف الصدق من النفاق، وأعطانا وصفة النصر في الحروب، وكيف تصنع التاريخ الشعوب، وكيف تصير الأرض رمزا للكرامة، وتصير الشهادة ترجمة للشهامة، وكيف يكون الزهد بالأشياء، طريقا الى السماء.
- صباح القدس لمن كنا كنا نخجل منه وحده مع انفسنا ان اخطأنا او تخلفنا، وقد صنع لنا تعويذة تفك سحر تخلفنا،واكتشفنا انه ضميرنا الصاحي، يعاتبنا في الأمسيات والأضاحي، إليه في سرنا نؤوب، نطلب الغفران على الذنوب، وان آتينا موقفا، أو فعلا مشرفا، نثق انه يرانا ونتخيل الابتسامة وكفه فوق الكتف، ونشعر كأطفال ونعترف، أن رضاه ارفع وسام، أليس هذا هو معنى الإمام؟
- اليوم يغادرنا وقد اتم علينا الدروس، يتركنا شامخين نرفع بجهاده الرؤوس، لنكتشف مع ثقل الغياب، كيف يجري الدمع بلا حساب، و نتعلم معادلة جديدة، كيف أن زوال الشعور بالاطمئنان يرافق الشعور بالمسؤولية، ما عاد يكفي أن نقول فيه قصيدة، فالرحيل دعوة لنزول الميدان وإدراك سلم الأولوية، يقول لقد اتممت دروسي لكم ويمنحنا بشهادته شهادة التخرج، ويقول للمتفرجين انتهى وقت التفرج، أتعرفون معنى أن الشعور باليتم هو شعور ببلوغ سن الرجولة، قالها لنا مضمخا بدم البطولة، في الستين قد تكون في عمر الطفولة، وفي العشرين قد تعيش العمر بعرضه وطوله، هذا معنى ان تفقد اليوم ابا ولا تملك وقتا للوداع، لأنه بالرحيل ألقى على كتفيك حملا ثقيلا، بعدما علمك تحمل الأوجاع، وفهم الأوضاع، فبارك له بالشهادة الرحيلا.
2024-09-30 | عدد القراءات 61