إنها معركة أشرف خلق الله ، ورثة الأنبياء والقديسين والصالحين ، ضد أسفل وأنجس وأشرّ خلق الله ، قتلة الانبياء والأطفال والحقيقة… والله لو أن عيسى وموسى ومحمداً موجودين معنا وبين ظهرانينا الآن لقتلوهم وتفنّنوا في ذلك بالذكاء الصناعي وتكنولوجيا القتل والإبداعات الشيطانية … حينما ينظر الواحد منا الى هذا الكوكب الذي نعيش على ظهره ، وقد تسيّد الشرّ كل مناحيه ، واستشرى الظلم والجور والرذيلة ، وانكمش الخير والإيثار وتراجعت الفضيلة ، واستبيحت الحقيقة ، فذبحت على أعتاب قصور الطغاة والماجنين ، وأصبح الكذب والدجل عالي الصوت مجلجل النبرات ، وغدا الحق يهمس به همساً وعلى استحياء ، وانتبذ الأشراف وأولي الشهامة والرفعة وأرباب الحكمة أطرافًا من المساحة ، وترك جلّها للأوغاد يعيثون في الارض فسادًا ، ويملأون الدنيا صخبًا زائفًا وعهراً وفجورًا… حينما يحدث كل هذا فلن تجد أخلص الناس وأكثرهم صدقًا وتسامياً إلّا طالبين للرحيل وراجين المغادرة … لقد رحلت ، سيّدي ، لأنك آثرت مقاتلة الظلم والفجور والتوحش في معركة تعلم أنها غير متكافئة ، ولم تغمد سيفك لحظةً واحدة ً، وانطلقت بجندك ارتفاعًا وشموخًا حتى حققت التوازن الاستراتيجي مع عدو مدعّم بكل أدوات القتل من كل وحوش الأرض ، بل وبدأت تحثّ الخطى نحو أن تصبح يد المظلومين هي العليا ، وأذقت عدوّك وعدوّ الحق و عدوّ الله مرارة الهزيمة تلو الأخرى ، وأولجتنا عصر الانتصارات بعدما أثخنّا هزائم وانكسارات … ولكن القدر شاء أن تغادرنا ونحن في معمعان المعركة الفاصلة ، شهيدًا صنديداً مغوارًا لا تساوم ولا تهادن ولا تداور ، فدفعت حياتك ثمنًا لوقفتك ناصرًا للمظلومين ، ولم تحد عن جادة الحق قيد أنملة… فهنيئاً لك أيها الحبيب الشهادة ، ووعد منا أننا سائرون بلا هوادة ، على طريقك ونهجك ، طريق الحق والبطولة والإباء ومقارعة الظالمين … طريق أبا عبدالله الحسين وجده محمد وأبوه حيدرة .
سميح التايه
2024-09-30 | عدد القراءات 58