لماذا تحقيق التوازن بداية انتصار المقاومة؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- الثابت اليوم مع النتائج التي رست عليها الحرب البرية، بعودة الفرق العسكرية الاسرائيلية المهاجمة، وخصوصا الفرقتين 36 و98 الى خطوط انتشارها الأصلية على الحدود، أن هناك توازنا راجحا لصالح المقاومة في القتال البري، باعتبار أن الذي هاجم وفشل هو جيش الاحتلال، و بالمقابل يظهر أن حجم القلق الناتج عن صواريخ المقاومة كثافة ومدى وآثار يوازي حجم القلق الناتج عن الغارات الاسرائيلية، وان لم يكن هناك بعد توازن في قوة التدمير وحجم انتشار النيران، الا ان توازن حجم القلق لدى الرأي العام والقيادة يبقى هو الأهم في قلب التوازن المنشود، ما يعني في المحصلة أن عدم التوازن في الخسائر البشرية والمادية والقيادية لا يعبر عن حقيقة ميزان القوى الذي يحكمه هذا التوازن البري والناري، والراجح ولو بصورة نسبية لصالح المقاومة، عدا عن أن الاحتلال فعل أعلى ما يستطيع فعله، بينما المقاومة لم تفعل بعد اعلى ما تستطيع.
- لم تضع المقاومة هدفا لقتالها سوى وقف الحرب، سواء في غزة أو في لبنان، وبالتالي يصبح مجرد تثبيت التوازن القائم منع محاولات كسره من النجاح، دفعا للحرب نحو نقطة استعصاء، لا يمكن معها الرهان على أن ما لم يحققه الاحتلال بالقوة سوف يحققه بالمزيد من القوة، وليس المهم هنا أن ينجح الاحتلال بإلحاق المزيد من الخسائر بالمقاومة بشريا وماديا أو في بيئتها وعمران بلدها، إلا بمقدار ما تتسبب هذه الخسائر باضعاف ارادة الصمود والمواجهة، وما لم يحدث ذلك تزداد الضرار لكن لا تتغير وجهة الحرب، ولأن هذا ما يحدث ويبدو أنه سيبقى يحدث طويلا، فهذا يعني أن المزيد من القتل والتدمير بلا قيمة سياسية رغم تأثيره المأساوي انسانيا، تماما كما هو الحال في غزة.
- التوازن بذاته، دون رجحان لصالح المقاومة، يعني عجز الاحتلال عن تعديل الموازين وعن فرض الشروط بواسطة الحرب، ووصل الحرب الى طريق مسدود، واليأس من جدوى استمرارها، بحيث تصبح الخسائر التي يتكبدها في الحرب، لو كانت أقل من خسائر المقاومة وبيئتها وبلدها، ذات قيمة سياسية اعلى، لسبب بسيط، هو أن المقاومة تخاطب بيئتها وبلدها بعنوان الدعوة لوقف الحرب ولا يمكن مطالبتها بما هو أدنى، بينما يدعو الاحتلال بيئته وبنيته ورأيه العام لمساندة مواصلته للحرب أملا و وعدا بتحقيق أهداف لا يبدو أنها تتحقق او يمكن أن تتحقق، فتصير مواصلة الحرب وما تعنيه من تصاعد الخسائر أكلاف تدفع بلا مبرر، وتصبح الدعوات لوقف الحرب أعلى صوتا، كلما صار الأمل بتغيير الموازين عبر المضي في الحرب أضعف وصولا الى تحول هذا الأمل الى يأس عام.
- لا تجهد المقاومة لمغادرة حال التوازن الراهن نحو كسره لصالحها، وليس مطلوبا منها ذلك، فليست هي صاحبة الحرب وشعارها، وليس لديها أهداف بتعديل موازين سياسية وعسكرية عبر الحرب، هي تصمد فقط بوجه حرب الكيان وتمنعه من تحقيق أي أهداف عسكرية أو سياسية عبر الحرب، ويكفي أن تنجح بالحفاظ على هذا التوازن الوقت اللازم لبلوغ اليأس من جدوى استمرارها على ضفة الاحتلال المدى الذي يطلق ديناميكية سياسية جديدة تقول بلا جدوى الرهان على تحقيق الأهداف والآمال التي ارتبطت مع بدايات الحرب وغرور لاقوة الذي رافق الضربات التي وجهت للمقاومة، وتقول بان العناد يعني المزيد من الخسائر بلا جدوى.
- ليس بيد الاحتلال أوراق قوة نوعية يمكنه الزج بها لفرض مسار تصاعدي يحقق الإنجازات في الحرب، لكن لدى المقاومة المزيد كما ونوعا ما يسرع وتيرة اثبات لا جدوى الحرب، وليس المطلوب أن يكون لديها ما يخلق اتجاها معاكسا لتحقيق مكاسب وانجازات، لأن تسريع إنهاء الحرب بما يعنيه من إقرار الكيان بقبول العودة الى ما قبل طوفان الأقصى، بوقف الحرب على غزة وما يعنيه من وقف الحرب على كل بجهات الإسناد، يعني أن الكيان قبل بتساكن مديد لن يستطيع كسره في مدى منظور ومتوسط، مع مقاومة مسلحة عجز عن هزيمتها، ويعتبرها تهديدا استراتيجيا لوجوده، اما اذا فرضت المقاومة عودة الكيان للقرار 1701، فإن ذلك يفرض عليه القبول بالتخلي عن مكاسب كان فقد فرضها كأمر واقع من خارج القرار 1701 وبعكس نصوصه، مثل انتهاك الأجواء والمياه اللبنانية واحتلال أراض لبنان نص القرار على وجوب انسحابه منها.
- هذا هو جوهر التفوق الاستراتيجي للمقاومة على الاحتلال في هذه الحرب.
2024-11-05 | عدد القراءات 43