إيران تخوض حربها الكبرى
التعليق السياسي - كتب ناصر قنديل
- لا تمارس إيران الانفعال في السياسة، فهي لا تنفعل في حال الغضب ولا تنفعل في حال التعاطف، ووفقا لطباع حائك السجاد التي تحضر في السياسة الايرانية، كل شيء بمقدار وكل شيء بميقات، وعندما كانت إيران تعتمد سياسة الصبر الاستراتيجي لم تكن تفعل ذلك لقناعة بعدم الحاجة للرد على الاستفزازات، أو بفرص التوصل الى تسويات، بل لانها تحتاج الوقت في مواصلة البناء الهادئ لمصادر القوة، وعدم السماح باستدراجها الى منازلة مبكرة لا تكون جاهزة لها.
- ليس الجديد هو اكتشاف إيران أن جوهر المعركة على الشرق الأوسط او غرب آسيا كما تسميه، وهي معركة قلب العالم القديم والعالم الجديد، تدور بينها وبين أميركا، وإيران تعرف ذلك جيدا، ولا الجديد هو اكتشاف إيران أن حرب كيان الاحتلال على محور المقاومة هي حرب تستهدفها في نهاية المطاف كعمق استراتيجي لهذا المحور، وهي تدرك ذلك أيضا بقوة، ولا الجديد هو إدراك إيران أن سقوط فلسطين المقاومة وتراجع مكانة لبنان المقاوم يصيبان كل استراتيجيتها والتزامها بالقضية الفلسطينية ودعمها لقوى المقاومة، كما يصيبان مصداقيتها وتفوقها على سائر دول المنطقة العربية الاسلامية، وهو تفوق تمت صناعته تحت عنواني فلسطين والمقاومة، وإدراك إيران هذا قديم جدا.
- الجديد هو أن إيران تدرك أن الأفول الأميركي يتسارع بقوة، ومعه تزداد نسبة التوحش الأميركي، وأن صعود قوى مناوئة للهيمنة الأميركية صارت أمرا واقعا قويا، مع الصعود الروسي والصيني، لكنه صعود بارد تنقصه المحفزات، وحيث نجح بفرض الوقائع كانت إيران تقدم المحفزات، كما حدث في الحرب على سورية والدور الروسي المتقدم، والجديد إدراك إيران ان هذه الحرب مفصلية في فرض المزيد من التراجع الأميركي، وتحفيز المزيد من الحضور الروسي والصيني في مواجهة أميركا، وأن هذين يحتاجان حضورا ايرانيا مختلفا و نوعيا.
- الجديد الأهم هو أن إيران أكملت استعداداتها، وهي تبدو قد أنجزت كل ما تحتاج انجازه في ملفها النووي بما في ذلك إذا فرضت عليها التهديدات الذهاب إلى امتلاك سلاح نووي، كما تبدو قد بلغت مراحل متقدمة في برنامجها الصاروخي سواء لناحية الأنواع التقنية الجديدة أو مدى الصواريخ، كما أنها أعدت قواتها المسلحة وشارعها، وهي تفعل كل يوم ما يشير الى حرصها على مواصلة هذا الإعداد بقوة وتسارع، لملاقاة لحظة تاريخية، قد لا تقع فيها الحرب، لكن يجب مقاربتها وكأن الحرب قادمة بلا ريب.
- إيران تتصرف وكأنها ذاهبة الى حربها الكبرى، وربما يكون لاستشهاد السيد حسن نصرالله دور كبير في نضوج هذه المقاربة، حيث على إيران أن تسد الفراغ الذي تركه السيد في المشهد الإقليمي والدولي، بمثل ما أظهر استهدافه المدى الذي سيذهب إليه الأميركي والاسرائيلية لتفادي التسليم بالفشل.
2024-11-05 | عدد القراءات 73