نقاط ع الحروف 13/11/2024

باسيل يترجم معنى الأخ في الوطن

…والعفيف في مواجهة انعدام العفة

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- شعرت بالأخوة الوطنية وروح المسؤولية تنضح بين السطور، بينما كنت اقرأ نص المؤتمر الصحفي المطول لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وما فيه من قراءة متأنية شديدة الدقة لم يسبقه إليها أحد لنصوص وآليات القرار 1701، مستخلصا أن القرار لا نقائص فيه تحتاج تعديلا او اضافات او توضيحات، وان لبنان وحزب الله طبقا التزامات المرحلة الأولى منه، بينما لم يستحق تنفيذ المرحلة الثانية لوقف دائم لإطلاق النار، وفيها إنهاء الوجود المسلح جنوب الليطاني، وبحث مصير السلاح، لأن "اسرائيل" لم تنفذ موجباتها وفقا للقرار بوقف الأعمال العدائية فبقيت تحتل أرضا وتنتهك سماءنا ومياهنا، و يستفيض في الشرح لتلاقي القرار الأممي في جوهره مع مفهوم الاستراتيجية للدفاع الوطني، لأنه لا يعقل مواجهة سلاح المقاومة بعبثية تجرد لبنان من أسباب القوة وتجاهل أن علينا واجب بناء جيش قادر والاستفادة من كل عناصر القوة الوطنية، لأننا نواجه عدوانا متوحشا ومشروع وصاية وتهديدا وجوديا، لا تردعه إلا القوة، علما ان باسيل الذي تميز عن الكثيرين سواه في كلمته الصادقة في أربعين السيد نصرالله، لم يتخلى في المرتين عن تسجيل خلافه مع حزب الله حول مفهوم جبهة الإسناد ووحدة الساحات، وهذا هو معنى المسؤولية الوطنية، الذي يجمع حق الاختلاف مع الشعور الوطني بالمسؤولية في مواجهة الخطر، ويدرك معنى التمسك بدفء الأخوة الوطنية في لحظة مصيرية كالتي نعيش.

- انتقلت الى شعور معاكس بالكامل وانا اقرأ كيف رفعت صحيفة لبنانية إلى مرتبة الخبر الرئيسي لغلافها، مقالا يتناول كلام مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، بلغة تهكمية لا تليق بشقيق في الوطن، ولا تتناسب مع موجبات أدب التخاطب مع ممثل حزب سياسي نال أعلى تصويت الناخبين اللبنانيين، وتقف خلفه شريحة واسعة من اللبنانيين كما وصفه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والخلاف بالرأي مشروع، لكن اللغة في التخاطب والتعليق هي نصف الموقف، ويزداد الشعور بالغثيان، عندما ينضح المقال بالحقد بعيدا عن كل مناقشة عاقلة هادئة ومطلوبة، ولو من موقع الاختلاف، ما قاله العفيف محمد عفيف، أو ما قد يقوله أي مسؤول سياسي، خصوصا أن الصحيفة نفسها التي وصفت عفيف وحزب الله ب "الغارق في مستنقع الإنكار"، تجندت عام 2020 للدفاع عن رياض سلامة ولم تصفه حتى بالغارق في مستنقع الإنكار، بل وصفت خطة حكومة الرئيس حسان دياب الاقتصادية بخطة الانهيار الشامل، لا لشيء الا لان رياض سلامة أعلن الحرب على الخطة وجند لذلك من وما تيسر.

- لا تعليق على استخدام التشبيه بوزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف، بل تذكير أن الصحاف كان ينقل ما يصله من غرفة عمليات جيش يكذب بتعميم انتصارات وهمية للتهرب من الاعتراف بأنه انهار أمام الغزو، وعفيف ينقل ما يصله من غرفة عمليات مقاومة صادقة تمكنت من تدمير قوات الغزو، وتذكير لمن يستخدم التشبيه انه قال ان الصحاف كان "يبيع الشعب العراقي البطولات الوهمية فيما كانت الدبابات الأميركية على مشارف اقتحام الفندق الذي كان يقيم فيه"، أي ان دخول الدبابات واحتلال العاصمة العراقية هو السبب في سقوط الصحاف، فكيف يصير الاستنتاج ان التدمير يتساوى مع النجاح باحتلال الأرض، وعفيف لم ينكر ولا الصحاف أنكر ان الاحتلال دمر البيوت وقتل الناس، فلنواجه الأمور بوضوح، القضية مع العفيف هي ببساطة هب نجح الاحتلال بالتقدم ام فشل؟

- يقول المقال "تحديداً في الاحتكام إلى الميدان فيظهر والفيديوات توغل الجيش الإسرائيلي في العديد من القرى والبلدات الحدودية حتى عمق يقارب 4 كلم وتدميرها بشكل كامل لخلق منطقة عازلة تسمح بعودة مستوطني المنطقة الشمالية"، ونقول له عظيم جدا لقد هان النقاش، هل رأيت الفيديوهات التي تتحدث عنها معاريف ويديعوت أحرونوت، لصواريخ حزب الله تخرج من هذه المناطق العازلة التي تتحدث عنها، وماذا قالت تعلق على الأمر، واجبنا ان نعيدها على مسامعك للازعاج فقط وليس للإقناع.

- قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية ، أنّ حزب الله “أطلق صواريخ نحو إيفن مناحم في الجليل الغربي من الخط الحدودي، أي من أماكن كان يُفترض أنّ الجيش الإسرائيلي أنهى العمل فيها”، وذلك بعد 40 يوماً على المواجهة البرية.وأضافت الصحيفة أنّ مستوطني الشمال “لا ينتظرون إعلانات الجيش الإسرائيلي وتصريحات السياسيين بشأن إعادة الأمن إلى المنطقة، بل يريدون رؤية ذلك بأعينهم”، أما “القناة الـ12” الإسرائيلية فأشارت إلى “غضب شديد” يسود في أوساط المستوطنين بخصوص ما يقوله قادة “جيش” الاحتلال، بشأن “إمكانية عودتهم إلى المستوطنات في ظل الرشقات الصاروخية المستمرة من جانب حزب الله”وقالت “القناة الـ12” إنّ “حزب الله يحافظ على قدراته الصاروخية وهي ستبقى بعد نهاية المعركة الحالية”، مضيفةً: “يجب التذكير أنّه حتى بعد انتهاء هذه المعركة وعودة سكان الشمال، المؤسسة الأمنية والعسكرية لا تستطيع ضمان عدم إطلاق صواريخ من لبنان”.وأردفت القناة بالقول: “نحن نرى نيراناً لا تتوقف من لبنان، بل وتزيد من ناحية العدد والمدى”.

- بعد هذه الجرعة المنشطة للكسل الذهني، و المحفزة لإفراز الأدرينالين، نسأل من أين جاء المقال يوهم التناقض بين كلام العفيف وكلام الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أحدهما يكمل الآخر، فالعلاقة الطيبة والممتازة بالجيش تقوم على قاعدة صديقك من صدقك لا من صدقك، والسؤال عن حادثة البترون يأتي من هنا، بل ربما من إدراك انزعاج الجيش من أداء الجانب الألماني المسؤول عن مراقبة البحر ورفضه تقديم المساعدة الرادارية للجيش منعا لتمكن الجيش من متابعة أمن الساحل اللبناني، وهذا حديث كبار يصعب على العقول المتواضعة فهمه إلا مسطحا، أما الكلام التحريضي الفتنوي عن علاقة الجيش بحزب الله فهو السبب بكلام العفيف عن العلاقة الطيبة ويبدو أن ما أغاظ البعض شعورهم بمسلة تنعرهم تحت ابطهم عندما قال "لن يستطيع أحد فك الارتباط بين الجيش والمقاومة"

- في القرآن الكريم آية تقول "أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم"، وقال النبي محمد "ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن فإن الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يشرك بالله شيئاً، ولم يكن ساحراً يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه"، لكن بسمارك قال إن الحقد موجه سيئ في السياسة، فلم تحقد على أخيك؟ الا تقدر أن تخالفه بمحبة، وإن استعصت عليك فخالفه بأدب، فكيف إذا كان الوطن في خطر والوحدة هي السلاح الأقوى لنحميه، و الفتنة اداة الاحتلال ؟

- ما أضام العفيف أن يواجه بقلة العفة …لكن اضام الحقد صاحبه واصابه بالخفة.

 

2024-11-13 | عدد القراءات 64