نقاش مع خطاب نتنياهو
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- الخطاب الذي أدلى به رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للإعلان عن الموافقة على وقف إطلاق النار هو في الحقيقة البيان السياسي الجدير بالنقاش بعد أربعة عشر شهرا من مبادرة حزب الله الى فتح جبهة الإسناد لغزة من الحدود اللبنانية، التي رد عليها نتنياهو قبل سبعين يوما بإعلان حرب شاملة على لبنان مستخدما فيها كل ما لدى الكيان وحلفائه في الغرب والمنطقة لالحاق ضربة قاتلة بالمقاومة عبر تصفية الحزب الذي يشكل قلبها وجسدها وروحها، وصولا إلى النجاح باغتيال الأمين العام لحزب الله قائد هذه المقاومة و رمزها، مع مجموعة ضربات واغتيالات أصابت بيئة الحزب وبنيته بالآلاف بين شهداء وجرحى بينهم قادة كبار.
- توجه نتنياهو الى سكان مستوطنات الشمال بلغة الفخر بصمودهم، وهو يكذب لأنهم لم يصمدوا كما توقع بن غوريون يوم صممت مستوطنات الشمال لتكون قوة مقاتلة، ودعا المستوطنين للعودة لأن الحرب وفرت لهم الأمن للعودة، وهو يكذب أيضا لأنه تحدث في خطابه عن ميزات للاتفاق تجعله جيدا، يقوله ان الاتفاق الجيد هو الذي يمكن تطبيقه، وهذا الاتفاق نحن سوف نطبقه بأيدينا، لأننا سنلاحق ونتحرك بوجه كل محاولة للتسلح من جانب حزب الله وكل محاولة لاعادة بناء بنية تحتية له، وهو يعلم وفق خبرة ما بين حربي تموز 2006 وتشرين 2023 أن ما واجهه في هذه الحرب كان أضعاف ما كان في حرب ما قبل 18 عاما، والوعد بالتصدي والمواجهة هو وعد بعدم الاستقرار، فكيف سوف يصدقه المستوطنون ويعودون، وهم أجابوا سلفا بأنهم لن يعودوا لأن مناطقهم لن تكون آمنة ما دام الجيش قد فشل بالقضاء على قوة حزب الله ووقف إطلاق النار هو علامة هذا الفشل.
- قال نتنياهو أن حكومته وجيشه قاتلوا وربحوا حربهم على سبعة جبهات، ولذلك فإن العالم فخور بإنجازاته، وهو يكذب مجددا، فلنناقش الانجازات ونناقش فخر العالم بها، يبدأ من غزة بالقول قتلنا قادة وهذا صحيح لكنه تقليدي وعادي في سيرة المواجهة بين المقاومة والاحتلال، و العادي والتقليدي ايضا انه لا يؤثر في أداء المقاومة، وها هي غزة تقول في الميدان ان استشهاد القادة لم يؤثر في خط العمليات البياني، فأين هو الإنجاز، ثم يقول استعدنا رهائن، وهو يعلم أن من استعادهم فقد فعل ذلك بالتفاوض وليس بالقوة ليحسبه بين الإنجازات، وهو بفضل اللجوء إلى القوة تسبب بقتل العديد من اسراه، ويحسب من انجازاته انه استهدف الحديدة في جهة اليمن وأنه ينسق مع الإتلاف الدولي بوجه اليمن، لكنه يهرب من الاعتراف أن كل ذلك لم ينجح بضمان عبور آمن لسفينة واحدة نحو ميناء إيلات المقفل بفضل الحصار الذي فرضه اليمن، وأن حاملات الطائرات الأميركية ومعها السفن الحربية تتلقى الضربات، فاين الانجازات، ومثلها في لبنان يتحدث عن قتل القادة، وهذا صحيح مثل فلسطين، ودمر الصواريخ، لكن السؤال هل قال الميدان سواء في الحرب البرية أو في استهداف عمق الكيان بنيران المقاومة أنه كان انجازا وليس المهم كم دمر من الوصاريخ بل المهم هل بقي منها ما يكفي لمواصلة الحرب والحاق الأذى بالاحتلال والتسبب بنزول ملايين المستوطنين الى الملاجئ حتى يقبل الكيان بوقف النار فأين هو الانجاز، وينتقل الى ايران ويقول انه دمر دفاعاتها، وما رآه العالم كان ضربة ايرانية مؤلمة لكيانه مقابل عدوان غامض مجهول الأثر ومحدود القيمة، ثم في سورية يتحدث عن عمل منهجي لاحباط نقل الأسلحة، وهو استمرار لما بدأ منذ سنوات ورأينا نتيجته في الميدان أسلحة حديثة ومتطورة تطال عمق الكيان وتتسبب له بالوجع، والحصيلة هي ان انجازات حرب نتنياهو محصورة بتدمير المباني وقتل الأطفال والنساء وتجويع المدنيين، فهل هذه هي الإنجازات التي قال انها جعلت العالم فخورا بما انجز، وهل يعتقد ان مذكرة التوقيف الصادرة بحقه كمجرم حرب عن المحكمة الجنائية الدولية هي جائزة نوبل قد حصل عليها، وهل تعبير العالم عن هذا الفخر هو باعلان كل دول أوروبا الصديقة لكيانه عن استعدادها لتسليمه للمحكمة بعد اعتقاله؟
- يقول نتنياهو إن مبرراته لقبول وقف النار هي ثلاثة، الأول هو التفرغ لمواجهة إيران، والثاني هو الحاجة لإعادة تأهيل القوات وإعادة تسليح الجيش والثالث هو فك ارتباط جبهة غزة بجبهة لبنان، وإذا انطلقنا من السبب الثاني وهو الأكثر صدقا ودقة، فالسؤال هل يستوي الحديث عن جيش يحتاج الى اعادة تأهيل وإعادة تسليح مع الحديث عن الذهاب الى حرب على ايران او تصعيد الحرب على غزة، وهل أن ما تحتاجه غزة هو الاشغال الناري من جبهة لبنان، وقد أدى مهمته طوال شهور ماضية، واثبتت غزة أنها قادرة عسكريا على المضي قدما في مقاومتها، وجيش الاحتلال يحتاج الى اعادة تأهيل وإعادة تسليح، بينما وقف جبهة لبنان سوف يعيد الضوء على جرائم الاحتلال في غزة ويستعيد زخم الشارع العالمي لدعمها، وأمامه سابقة وقف النار في لبنان، للسؤال ولماذا لا يقف اطلاق النار في غزة، ونتنياهو يعلم أن مساندي الحرب على لبنان في الرأي العام في الكيان شكلوا الإغراء الرئيسي لقرار نتنياهو بتصعيد الحرب على لبنان وحزب الله، مقابل شارع غاضب وصلت آخر تظاهراته منتصف تموز الى نصف مليون يطلبون انجاز صفقة مع غزة، حجبتها حرب لبنان، وسوف يعود هذا الشارع الى الواجهة مع وقف هذه الحرب في لبنان، وهل نقص التسليح وضعف التاهيل يمنعان مواصلة الحرب على لبنان ويمكن بجيش متهالك بلا سلاح وذخائر خوض الحرب على ايران؟
- تباهى نتنياهو كثيرا بما أسماه حرية العمل بضمان أميركي، لمنع حزب الله من اعادة التسلح وبناء قوته، فهل كانت أميركا تمنعه من ذلك ما بين حربي 2006 و2023 أم ما كان يمنعه ما كان يقوله كل محللي الكيان وخبرائه عن الردع، والمقصود إرادة المقاومة وقدرتها على الرد، وهل هذا يتغير مع وقف النار، والمقاومة ستبدأ معادلتها بالسؤال، متى الانسحاب من الجزء اللبناني من بلدة الغجر، ثم ماذا عن النقاط المتحفظ عليها، وماذا عن مزارع شبعا المنصوص عليها في القرار 1701، وصولا لوقف الانتهاكات الجوية والبحرية، وكلها أعمال عدائية وحربية و خرق لوقف النار، يمنح المقاومة حق الدفاع المنصوص عليه في الاتفاق المستند اصلا الى القرار 1701، وأبسط ما سوف تفعله المقاومة سوف يكون ارسال طائراتها المسيرة في أجواء فلسطين المحتلة في طلعات استطلاعية ردا على كل طلعة طيران في أجواء لبنان، والمعادلة الثانية هي دون انسحاب شامل إلى خط الهدنة المثبت عام 1949 لا انسحاب شامل إلى ما وراء الليطاني.
- المقاومة رغم كل ما تلقته من ضربات استطاعت ان تجبر الكيان على قبول او الأصح طلب وقف اطلاق النار لأن جيشه متهالك يحتاج الى اعادة تأهيل ويعاني تراجعا كبيرا في قدراته التسليحية وفي الذخائر، أي انها امسكت برسن هذا الوحش واعادته الى الحظيرة كما سبق ووعد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
2024-11-27 | عدد القراءات 68