انتقال الحرب من لبنان إلى سورية
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- ليست صدفة هجمات ألوية أبي محمد الجولاني على حلب بمجرد ان دخل لواء جولاني الى العناية الفائقة بعد فشله في الحرب على جنوب لبنان، لأن الحرب على المقاومة في لبنان استحقاق مؤجل منذ هزيمة جيش الاحتلال في حرب تموز 2006، والحرب خطة دائمة عند كيان الاحتلال تنتظر التوقيت المناسب، وهذا ما كشفته الحرب التي انطلقت في المنطقة بعد طوفان الأقصى، وكل ما أظهره الاحتلال بوجه المقاومة ما كان يمكن تصنيعه غب الطلب، فهي خطط مجهزة امريكيا واسرائيليا بانتظار توقيت التنفيذ، كذلك كانت الحرب على سورية اسرائيلية بامتياز مهما تغيرت عناوين شركائها، من واشنطن الى أنقرة الى الجامعات الارهابية وبعض العواصم العربية التي شاركت بالمال والإعلام والفتاوى، وهي حرب في ذات اتجاه الحرب على المقاومة وظيفتها تدمير عناصر القوة في المنطقة لاستكمال شروط الهيمنة الاسرائيلية، إسرائيل الكبرى عبر الاحتلال وإسرائيل العظمى عبر النفوذ، ويفترض باحدى الحربين ان تغني عن الثانية اذا نجحت، واسرائيل لم تخف ان هجماتها على سورية تستهدف سورية لكنها تستهدف أيضا حزب الله، ولو نجحت الحرب على سورية بتحقيق الأهداف لما كانت الحرب على المقاومة في لبنان، ولو نجحت الآن الحرب على لبنان لما كانت الحرب على سورية بعدها مباشرة.
- جبهة النصرة التي أعلنت في بيان رسمي أنها هي ذاتها غيرت اسمها الى حركة تحرير الشام، وأنها الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وأنها تبايع زعيم القاعدة أيمن الظواهري، وهي ذاتها التي قال عنها وزير الحرب الأسبق في كيان الاحتلال موشي يعالون منذ عام 2014 أنها حليف لكيان الاحتلال لأنها مؤتمنة على الحدود الشرقية، كما قال، وهي ذاتها جبهة النصرة التي تدعو تركيا إلى إدماجها بالعملية السياسية طالما غيرت اسمها وصارت حركة تحرير الشام، لأن النصرة هي المصنفة على لوائح الإرهاب، والنصرة باسمها الجديد هي من قام بشن الهجوم الكبير أمس على مواقع الجيش السوري، بتغطية نيران طائرات مسيرة تركية، وهي ذاتها جبهة النصرة التي قام الأميركيون بحث المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا على تقديم مشروع للحل السياسي يمنحها الإدارة الذاتية في مناطق سيطرتها، وعندما تلتقي تركيا التي لم تقطع علاقاتها مع كيان الاحتلال تضامنا مع غزة كما فعلت دول أميركا اللاتينية، مع أميركا التي تدير حلف الناتو وتركيا عضو فاعل فيه، مع كيان الاحتلال، على تقاطع اسمه جبهة النصرة فذلك ليس صدفة ايضا.
- ليس الصراع في سورية ومعها وعليها صراعا على السلطة، ولا شأنا داخليا ولا حربا اهلية، والحياد في هذا الصراع هو انحياز للجانب الذي يريد تسوق هذه السردية لتبرير انحيازه ضد سورية في الحرب، أي الجانب الأميركي التركي الاسرائيلي، ولذلك لم تتردد قوى المقاومة وإيران وروسيا في الانحياز الى جانب سورية، ولذلك تبدو معركة حلب الثانية التي بدأت للتو محاولة لتغيير نتائج معركة حلب الأولى، أملا بأن يكون الجيش السوري وحلفائه قد انهكوا أو تفككوا، فتعوض ألوية الجولاني ما فشل في تحقيقه لواء جولاني الأصلي في جنوب لبنان، لكنهم كما فوجئوا بالمقاومة في جنوب لبنان بعد كل ما لحق بها من ضربات قاسية تسدد الضربات لهم وتصيب الأهداف وتعيد لواء جولاني الى غرفة العناية الفائقة، ويقول رئيس حكومة الاحتلال أنه قبل وقف النار لن جيشه يحتاج اعادة تأهيل، سوف تنجح سورية وحلفائها بحسم هذه الجولة، لكن لا عودة لألوية الجولاني الى العناية الفائقة، وربما تكون الفرصة الأخيرة لتركيا لاختيار الضفة التي تريد الوقوف عليها في الاصطفاف الإقليمي، وكما أن اللون الرمادي في حرب غزة غير قابل للتبرير والقبول، اللون الرمادي في حرب سورية مستحيل، لأن الدور التركي ظاهر.
- على هامش هذه الحرب في حلب ينتظر بعض الغرب كي يطرح على سورية مقايضة وقف الحرب إذا وافقت على تدويل الحدود مع لبنان لتضييق الخناق على المقاومة، تماما كما وقف وزير الدفاع الأميركي كولن باول بعد احتلال بغداد ينتظر جواب الرئيس السوري بشار الأسد على طلبات وقف دعم حركات المقاومة، وكما كان الجواب قاطعا بالرفض يومها، هو قاطع بالرفض اليوم، وكما انتصرت سورية يومها سوف تنتصر اليوم.
2024-11-29 | عدد القراءات 395