بعد تساؤلات كثيرة حول احتمالات التملص الإسرائيلي من موجبات الانسحاب من المناطق التي قام بالتوسع فيها بعد اتفاق وقف إطلاق النار وهي كثيرة، أو تلك التي قام باحتلالها خلال الحرب وهي الأقلّ، انسحبت قوات الاحتلال من مدينة الخيام ومحيطها وجوارها ودخلت إليها وحدات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وفقاً لنص الاتفاق.
مدينة الخيام كانت الساحة الأهم للمعارك الضارية التي نشبت بين المقاومة وجيش الاحتلال، والتي تكبّد فيها الاحتلال خسائر كثيرة دون أن يتمكّن من السيطرة عليها، وحاول مع اتفاق وقف إطلاق النار الانتقام من أهاليها، وقد استشهد العديد منهم بسبب هذا الانتقام، لذلك يشكل الانسحاب منها ودخول الجيش اللبناني إليها إشارة مهمة معنوياً ترجح الانسحاب من سائر المناطق التي لا تحمل رمزية الخيام خلال الحرب.
مدينة الخيام ملاصقة للحدود مع فلسطين المحتلة، ومستوطنات الكيان ملاصقة لبيوتها، خصوصاً مستوطنة المطلة، أي ما يسمّيه الاحتلال بالأمن المباشر لجيشه ومستوطنيه، وهي مدينة كبيرة سكانها بعشرات الآلاف، وظهرت كمدينة مقاومة خرج من بين صفوفها مئات المقاومين، بحيث يكون الانسحاب منها إشارة إلى أن كل البلدات المتاخمة ببيوتها لخط الحدود والمستوطنات، والتي دارت فيها معارك مثل عيتا الشعب، عيترون، سوف تشهد انسحابات مشابهة كما حدث في الخيام، بما يعني سقوط نظرية بناء حزام حدوديّ لا يعود إليه السكان، ودخول الجيش ليس إلا مقدمة لعودة السكان، كما قال بيان الجيش عن أيام قليلة لتفكيك المخاطر الأمنية على يد فوج الهندسة ويعلن الجيش فتح المدينة لعودة أهلها.
قيل الكثير للتشكيك بنصر المقاومة، لكن المعيار يبقى بالاحتكام إلى ما أعلنه الاحتلال من أهداف منها إقامة شريط خالٍ من السكان على الحدود كضمان لمنع وجود أي بنية تحتية للمقاومة على الحدود، لأن الكيان كما قال لا يثق باليونيفيل وإجراءات الجيش اللبناني، لكن الاحتلال يعلم أنه كان عليه لفرض تلك العودة الى الحرب، وهو يعلم أن المقاومة هذه المرة متحرّرة من انقسام اللبنانيين حول جبهة الإسناد ستخوض حرب الدفاع عن لبنان، وأن أحداً لا يستطيع أن يسألها عن ذلك بعدما منحت كل الوقت لضمان انسحاب الاحتلال من الأراضي اللبنانية وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار.
التعليق السياسي
2024-12-12 | عدد القراءات 51