كتب ناصر قنديل - بين ميرسي والأسد

 

كتب ناصر قنديل - بين ميرسي والأسد

يتباهى الرئيس محمد ميرسي بكونه رئيسا جاءت به ثورة شعبية ويخاطب الرئيس بشار الأسد بإعتباره رئيسا يواجه ثورة فماهو المقياس ؟

السؤال طبعا يطال الشرعية الأخلاقية التي تمنح الرئيس ميرسي حق الإدعاء أنه معبر عن إرادة الشعب وإتهام الرئيس الأسد بالعكس ؟

صار بالمستطاع اليوم إجراء المقارنة بمقاييس الديمقراطية ببرود أعصاب خارج إطار البلطجة الكلامية .

وصل الرئيس الأسد بإنتخابات وإستفتاء قد يقال فيهما أي شيئ لكن من يشهد بأمانة لتلك اللحظة من تاريخ سوريا يدرك ان المعارضين كانوا أكثر من بنى آمالا على الرئيس بشار الأسد بغض النظر عن مدى إستمرار تلك الآمال ومحاورها ومواضيعها لكن الأكيد أنه بمعايير أشد الديمقراطيات شفافية شكل الرئيس الأسد لحظة شعبية عارمة لدى السوريين في وصوله للرئاسة .

ميرسي جاء على أكتاف إحتجاجات شعبية أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك والثابت انها إحتجاجات وقفت أمام عقدة رحيل مبارك وكيف ؟ ولولا الإنقلاب غير المعلن الذي قام به الجيش وتسلم بموجبه السلطة مؤقتا لما تيسر الحديث عن رحيل مبارك وبالتالي فتح الباب لرئيس جديد ، فميرسي جاء إذن بإنتخابات أعقبت إحتجاجات شعبية أعقبها إنقلاب عسكري أزاح الرئيس السابق وفتح باب الإنتخابات وفي الإنتخابات حاز ميرسي 27% وفي الدورة الثانية 50,نصف % وحاز مرشح النظام السابق الذي أزاح رئيسه 49ونصف% .

الأكيد بقياس الحالتي الإنتخابيتين أن الرئيس الأسد حتى ما قبل سنة وبإعتراف عدوه الأول الإقليمي الذي تمثله تركيا ومركز دراسات موزة في الدوحة بقي يحوز أغلبية 60 % من السوريين على الأقل .

الرئيسان يواجهان اليوم تمردا .

التمرد على الرئيس الأسد بعد عشر سنوات من حكمه والتمرد على الرئيس ميرسي بعد 5 شهور والتمرد على الرئيس الأسد فشل في تحشيد مئات في ميادين حلب ودمشق بينما إمتلأت بمئات الآلاف ميادين القاهرة والإسكندرية و السبب ليس الخوف من قمع هنا وثقة بالحرية هناك ببساطة لأن من يجرؤ على حمل السلاح والتعرض للموت لو كانت معه مئات الالاف تملء الميادين لخرج بها خصوصا يوم ضرب موعدا للمراقبين العرب في ساحة العباسيين في دمشق وساحة سعد الله الجابري في حلب في مطلع كانون الثاني عام 2012 ولم يخرج إلا العشرات في تلبية لنداء المعارضة يومها الزحف إلى الساحات.

التمرد على الرئيس الأسد يحظى بدعم خارجي يبرر الحديث عن مؤامرة فعلنا تدعو مئة دولة لرحيله ومئة فضائية وفتاوى وحروب وسلاح وتمويل ومؤتمرات وبث مباشر وميرسي يتحدث عن مؤامرة رغم أن أحدا لا يتعرض لشرعيته ولا لبقائه ولا يعطي التمرد تغطية إعلامية متوازنة .

الرئيس الأسد متمسك بالحوار والتوافق على صيغة دستورية نزع منها طوعا المادة الثامنة من الدستور التي كانت تمنح حزب البعث سلطة مرجعية فوق الدولة ومؤسساتها بينما ميرسي يواصل المواجهة لفرض دستور فيه مادة تمنح هيئة كبار العلماء سلطة مرجعية فوق مؤسسات الدولة وتحصر الشريعة بالتفسيرات السلفية في قلب هذه المرجعية الحصرية .

معارضو الرئيس الأسد يرفضون الحوار ويصرون على رحيله شرطا لذلك رافضين الإعتراف بشرعيته وهو يعتبر كل شيئ قابل للبحث وفق الأصول الشرعية والدستورية على طاولة الحوار ومعارضو ميرسي يرفضون الحوار ويطلبون تأجيل الإستفتاء شرطا للحوار ويؤكدون إعترافهم بشرعيته رئيسا وهو يرفض أي تراجع يسهل الحوار والتوافق .

الدستور لا يقر بالإستفتاء بل بالتوافق فأقلية طائفية او قومية تملك حق الفيتو في صياغة الدستور والرئاسة لا تنتزع بالإنقلاب سواء كما وصل ميرسي أو كما يريد الوصول زملاؤه السوريون الذي عجزوا عن دفع الجيش السوري لما فعله الجيش المصري فجاؤوا بجيوش الجهاديين من القاعدة وسواها ويتوسلون يوميا لجلب جيوش الأطلسي .

مواجهة الجيش السوري العسكرية تدور بين الشوارع والبلدات السورية مع جيش حرب عصابات لإحداث إنقلاب فيصير الجيش يقمع الشعب ومواجهات ميليشيات ميرسي تدور مع شعب اعزل في الميادين فتصير دفاعا عن الشريعة والشرعية .

مهزلة آن لها ان تنتهي .

2012-12-11 | عدد القراءات 1743