تفجيرات طرابلس التي هزت لبنان سياسيا وامنيا قبل أكثر من شهر تحولت فجأة إلى مدخل لتحميل الشيخ هاشم منقارة وفريقه السايسي المعروف بعلاقته المميزة بسوريا وحزب الله مسؤولية التفجيرين الإجراميين اللذين إستهدفا مسجدين و المصلين فيهما و الهدف من الإتهام بدا واضحا من اللحظة الأولى وهو توجيه السهام نحو حزب الله وسوريا معا لتحقيق أهداف التفجير بإدخال لبنان في دوامة الفتنة المذهبية لأن الإتهام لحزب الله ولسوريا يريد الترميز للون مذهبي معين بوجه لون مذهبي آخر .
رغم الموقف الواضح لحزب الله بإدانة التفجير والموقف الحاسم لمفتي الشمال ومفتي الجمهورية قبله وكليهما أرادا وأد الفتنة في مهدها بـتأكيد الثقة ببراءة حزب الله من الإتهام لكن التحقيق تتولاه الجهة الأمنية التي يمثلها فرع المعلومات والمعروف بالتعبير عن تطلعات تيار المتسقبل و من ورائه العلاقات الإقليمية التي تشكل السعودية محورها وخصوصا مكانة بندر بن سلطان في إدارة ملف العلاقات بالأطراف اللبنانية المنخرطة بالحرب في سوريا والمعلوم أن نتائج التحقيق الأولية حول تورط الشيخ منقارة لم تنجح بإقناع أحد وسرعان ما تهاوت رغم السيناريو الذي سوقه فرع المعلومات .
بعد سقوط السيناريو الأول أطل فرع المعلومات بسيناريو ثان محوره مجموعة من اسماء شباب من جبل محسن تابعون كما يقول فرع المعلومات للحزب العربي الديمقراطي الذي يتزعمه السيد رفعت علي عيد والمعروف بعلاقته الوطيدة بسوريا و المنتمي مذهبيا لهوية تسهل بلوغ الفتنة ونقلها لسوريا وساحلها .
قبل التوقف أمام اي نقاش فني للإتهام وليست هذه قضيتنا و سيكون بالتاكيد للمعنيين مباشرة بالإتهام ردودهم لكن الشيئ البديهي الذي يتبادر للذهن هو دور فرع المعلومات في التحقيق في إغتيال الرئيس رفيق الحريري وتوجيه الإتهام للضباط الأربعة وسعيه لمنع الإفراج عنهم بداعي الحرص على مواصلة التحقيق ولولا المحكمة الدولية وسعيها لإمتلاك مصداقية معينة تؤهلها لإمساك هذا الملف لكان الضباط لايزالون رهن الإعتقال ولكن عندما إنتقلت المحكمة لتنفيذ مهامها المرسومة كأداة للنيل من المقاومة وتسعير الفتنة المذهبية ووجهت الإتهام لحزب الله تبين ان فرع المعلومات كان الجهاز المكلف تنظيم المضبطة الإتهامية و تجميع المعلومات التي تمنح الإتهام قدرا من التماسك المنطقي وتصنيع بطريقة تجعله قابلا للتصديق .
اليوم يريدنا فرع المعلومات أن نصدق روايته وأن ننسى روايته الأولى التي سقطت بالوقائع ويريدنا أن نتقبل مسارها التحقيقي وهو يعلم كما يعلم كل عاقل أن الأهم من نتائج التحقيق هي النتائج التي يرتبها على الحالة النفسية بين الشرائح المذهبية المتوترة من خلال توجيه الإتهام فما نفع أن تعلن بعد اشهر براءة هؤلاء الشباب إذا كان إتهامهم قد نجح قبل إعلان براءتهم بجر طرابلس وجبل محسن إلى الفتنة التي كان التفجير يرد لها أن تتحقق .
نقل التحقيق من يد فرع المعلومات إلى مخابرات الجيش صار هو صمام الأمان من الفتنة قبل ان تنزف طرابلس في فتنة عبثية وننتظر التحقيق فلو قالت مخابرات الجيش عن توجيه إتهام لأي أحد سيتم تسليمه والتبرؤ منه بكل شجاعة وتنتهي المسؤولية عند من يتحملها وإن برأت ساحة احد فسيرتضي اهل الشهداء البراءة ويطلبون مواصلة البحث لكشف المرتكب وسوقه للمحاكمة أما وفرع املعلومات هو المسؤول فلن يصدق أحد ان الإتهام بريئ من التسييس .
2013-10-13 | عدد القراءات 4078