الواضح أن جنيف ليس مؤتمرا بل مجموعة مؤتمرات / والواضح أن المؤتمرات اللاحقة تحمل ذات بذور أسباب فشل أول مؤتمر / في التقدم نحو الحل السياسي بما هو إنتقال الصراع الدموي الذي تشهده سوريا ويكلفها دماءا وخرابا / في الأرزاق والممتلكات والعمران بجناحيه العام والخاص / الخدمي والإقتصادي / إلى السلام الأهلي والإستقرار / والدولة القادرة التعددية التي يسودها الحوار والتنافس .
السبب يعود لكون القوى التي يفترض أنها الشريك المقابل للدولة السورية / في صناعة الحل السياسي هي قوى لا تملك قرار الميدان / الذي يصنع العنف ويتسبب به / والقوى التي تملك قرار الميدان لا يوجد حل سياسي يتسع لها / فهي قوى قائمة على مفهوم للعنف كتفويض إلهي لقتل كل ما عداها / بإعتباره كافرا / وإبادة نسله وإستحلال أرزقه و أعراضه / وهنا في الحالتين نحن أمام خيار / عملية سياسية لا تنهي العنف / أو إنهاء للعنف بالعنف أي بلا عملية سياسية / وبالتالي تبقى الإشكالية فشل جنيف في توليد آلية تنهي العنف.
السبب الثاني يعود إلى أن القوى التي تحتل مقعد الشريك المقابل للدولة في العملية السايسية / تحمل مفهوما لدورها في الدولة نابع من حجم الدعم الخارجي الذي تحظى به / وليس من شجاعتها في الإحتكام للعملية الديمقراطية / رغم كثرة تلفظها بها / بينما القوى الممسكة بالميدان / فمفهومها للدولة أنها مرجعية فتوى لأميرها / لا مؤسسات تنتجها ولا إنتخابات ولا قانون / وتفويضها لا ينبع من أي دور لإرادة الناس ولا يتسع للشراكة مع سواها / وهي جزء من منظومة لا مكان فيها لمصلحة سوريا ولا للسوريين من حساب / ولا يشكل السوريون أو أحد منهم إلا تفصيلا شكليا في قراراتها / وفي الحالتين نحن أمام إستعصاء التبعية للخارج عقائدية كانت ام مخابراتية / وإستعصاء اللاديمقراطية في النظر للدور في الدولة / وفي الحالتين نحن أمام فرضيتي / تسليم بهيمنة مرجعية غير سورية / تتطلع للوصول بطرق غير ديمقراطية لصناعة مصير السوريين .
مشاركة سوريا في جنيف كمسار ومؤتمر / هي تعبير عن خوض سوريا لحرب الدفاع السياسية عن قضيتها وحقيقتها / وكسر الحصار الذي أريد له تشويه صورتها / خارج أوهام التطلع لحلول سحرية مستحيلة .
مسار جنيف مساحة إنتصارات سياسية لسوريا / وفي الميدان إنتصارات عسكرية لجيشها / وعاجلا ام آجلا سيشعرون أن ساعة النصر تدنو / فيسارعون لملاقاته بأقل الخسائر .
الحرب فشلت في إخضاع سوريا / لكن السلام فاتورته إعتراف بنصرها / وتلك فاتورة باهظة / على الذين ربطوا مصيرهم بمصير حربهم على سوريا .
مكروا ومكر الله والله خير الماكرين
2014-02-02 | عدد القراءات 2092