الدور التركي في الحلف الذي أعلنت واشنطن أنها تريد إقامته لمواجهة الخطر الذي مثلته إمارة داعشتان ، يشكل مفصلا هاما في فهم الحلف والحرب والموقف الأميركي والكثير من الخلفيات التي أحاطت ولادة هذه الإمارة ، ومكانتها في الجغرافيا السياسية الجديدة للشرق الأوسط .
البداية في الفهم هي في البيان الرسمي الصادر عن تنظيم الأخوان المسلمين الذي إعترض على مبدأ الحرب ، مضيفا أن الحل الناجح هو الحل الإحتوائي و الإستيعابي والسياسي والثقافي ، وليس باللجوء للخيارات الحربية والعسكرية و الأمنية التي ستزيد الأزمة تعقيدا بدلا من تسريع حلها .
المضمون الإستراتيجي للبيان من زاوية الخلفية للموقف التركي هي ببساطة عدم التشجيع على عملية قيصرية عسكرية ، عبر تدخل جيش محترف قادر يدخل مناطق الإمارة ويقوم بتفكيكها و الإمساك بمفاصلها ، والمرشح الأبرز طبعا هو جيش دولة حدودية كبرى تملك هذا الجيش المحترف ، و يفضل أن تكون دولة إسلامية كبرى و لا حاجة للقول هنا ان الخيار العسكري إما أن يكون تركيا أو لا يكون .
حزب العدالة والتنمية الذي يقود تركيا و يمثل الأخوان المسلمين ، ويقف وراء موقفهم السياسي من الأزمات و الأحداث الكبرى ، يبدو للكثيرين أكثر إستقلالا عن الأميركيين من الجيش المكون الثاني مع الحكومة ، لصناعة القرارات الإستراتيجية هو في الحقيقة وفقا للخبراء أكثر إرتباطا وتأثرا بالموقف الأميركي ، إنطلاقا من أن وجوده في الحكم يرتبط عضويا بالحيوية الإقتصادية التي منحها وجوده في الحكم لتركيا ، وهذه الحيوية تستند إلى مفاصل يتحكم بها الأميركيون دون سواهم .
تركيا لا تريد دخول الحرب يعني أميركا لا تريد حسم الحرب ، هي المعادلة الطبيعية التي يمكن تسجيلها ، و هذا يعني أن الرهان التركي على داعش والإحتضان الذي قدم لنمو هذا المولود و تعظيمه ، و من ثم جمع مكونات المعارضة العراقية المسلحة لحكومة رئيس الحكومة السابق نور المالكي تحت لوائه ، و تسليم هذا الداعش مناطق عراقية شاسعة تشكل ثلث العراق ، وفي قلب هذا التسليم إستخدام المفاتيح التركية المخابراتية في الجيش العراقي لفرط ثلاثة فرق من الجيش العراقي دفعة واحدة .
داعشتان وجدت لتبقى ، هذه هي الخلاصة التي يمكن تسجيلها أيضا ، ولكن تحت السيطرة والسيطرة بالنار ممكنة لرسم حدود التمدد و الخطوط الحمراء لهذا التمدد ، و الأميركيون يكذبون عندما يقولون أنهم يسعون لتذليل العقبات أمام مشاركة تركيا في الحرب على داعش ، لأنهم في العمق هم العقبة الحقيقية لمنع هذه المشاركة التي يكفي تحققها ليبدأ العد التنازلي لإمارة داعشتان ، ويصير الإستنتاج التالي هو ان التحكم التركي بطريق وبوابة مبيعات النفط المنهوب من العراق وسوريا لحساب داعش ، وليس إغلاق هذا الطريق وهذه البوابة هو المطلوب ، فيفتح الباب ويعبد الطريق عندما تصل الإمارة لحد الجفاف المالي ، ويعاد إغلاقة عندما تصل حالة الإشباع المالي إلى حد تهديد البيئة المحيطة بتحطي الممنوعات الرمسومة .
2014-09-13 | عدد القراءات 2594