تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة سنتوقف أمام مجموعة من الأسئلة حول الوضع في حلب والانفجار الأمني وصحة الموقف الروسي الذي أعلن وقف العمليات ودخل في الهدنة والتفاهم في الذهاب إلى جنيف فهل كان خطأ تكتيكيا وقعت فيه روسيا رتب منحى المجموعات المسلحة فرصة ترتيب أوضاعها وتنظيم صفوفها خصوصا في ظل الرعاية التركية والاهتمام السعودي اللذين أصيبا بالمفاجأة من جراء الحركة الروسية السريعة التي بدأت بعد الثلاثين من أيلول وكانا بحاجة إلى مزيد من الوقت لترتيب الصفوف فهذا سؤال يجري تداوله في أوساط كثيرة وصولا إلى الاستنتاج بأن الهدنة كانت خطأ ونتيجة الهدنة الآن هي التي يدفعها أهل حلب وان الوضع الذي أنشأه المسلحون ومن ورائهم الأتراك بات وضعا اشد صعوبة وقسوة ، والسؤال الثاني الذي لابد من طرحه أيضا هو التمييز مابين الهدنة ونظام التهدئة وما الفرق بينهما ؟ ولماذا نسمع عن نظام تهدئة وكنا نسمع عن أحكام هدنة بينما يخلط الكثير بين المتابعين والمحللين بينهما دون إعطاء لفهم تفاصيل كل واحدة بينهما والفوارق التي تحكم ، ثالثا هل ستستجيب الولايات المتحدة الأمريكية للطلب الروسي وتجعل الحرب في حلب حربا على النصرة ؟ وتدعو إلى إغلاق الحدود التركية السورية من جهة والى إخراج الجماعات المسلحة المشتركة في محادثات جنيف أي المنضوية في جماعة الرياض (جيش الإسلام وأحرار الشام ) بصورة أساسية للانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها النصرة وتعتبر هذه المناطق غير مشمولة باتفاقية وقف الأعمال العدائية واستطرادا بأحكام الهدنة ؟ حلب إلى أين ؟....
الوضع في تركيا يدخل مرحلة جديدة مع استقالة داوود اغلو ، وتركيا تذهب إلى مرحلة السلطنة بكل ما تعني المرحلة من أبعاد والتي يرسمها اردوغان وهذه أوهام وخرافات السلطنة التي تعصف بتركيا وتعني تقريب ساعة الانهيار فلم يشهد التاريخ نظاما يكسر للقوانين الطبيعية للحركة السياسية والحركة الاجتماعية من اجل حسابات شخصية ، بالتالي هنالك ضائقة اقتصادية عنيفة وركود يبلغ مداه وعجز في الموازنة وانهيار في صرف العملة وغياب الاستثمارات والأزمة مع روسيا وانعكاسها على الاقتصاد وفشل سياسي ذريع في المنطقة وخصوصا في سورية وانهيار دور الإخوان المسلمين فكل هذه العناصر تجعل تركيا على أبواب عاصفة في السنوات الباقية من ولاية اردوغان ، وسنكون في السنوات القادمة أمام تطورات دراماتيكية ، نجح اردوغان في استثمار قضية اللاجئين لابتزاز أوروبا سواء ماليا أو سياسيا ولكن يشهد النظام السياسي لاردوغان مزيد من التأزم والاختناق ، بالدخول للوضع السوري ففي كل مراحل الأزمة في سورية كنا أمام لغة عصبية انفعالية نحو العمل السياسي تحضر أمام كل الاختناقات التي مرت بها الدولة السورية ، ففي تطور الأزمة هنالك سؤال يطرح وهو هل الدولة السورية بقيادة رئيسها سياسيا وعسكريا تبلي بلاء حسنا في إدارتها لهذه الأزمة من زاوية الخط البياني خلال الخمس السنوات وهي أمام ضغط كبير ؟ لولا العمل السياسي في المرحلة الأولى الذي قام به الرئيس الأسد وفتح فيه للحوار وعدل بالدستور وألغى مواد وأنجز عفوا وانسحب من مواقع وتأخر في إنزال الجيش لما نضجت سوريا أولا لتماسك حول المشروع في مواجهة والإدراك انه إرهاب أم مؤامرة ، ثورة أم مؤامرة فهذا الأمر حسم بأغلبية سورية عابرة للطوائف وهذا ايضا حسم في عقل روسيا وإيران وفي عقل حزب الله في التجربة والوقائع وهذا ما جعل الرئيس بوتين يقول أن المطلوب هو امن موسكو الذي يبدأ من دمشق وكذلك إيران وحزب الله التي تشكل سورية سندها وحضنها فلولا هذا العمل السياسي لما استنهضت سورية جيشا وشعبا ومعها الحلفاء ( روسيا وإيران وحزب الله) ، وبعدها أصبح العمل السياسي ضرورة وأساس لإبقاء الاستنفار الشعبي والعسكري الداخلي ومعه القدرة المالية والبشرية التي قدمها الحلفاء متماسكة ضمن خطة واحدة ، وسورية في قلب هذه المعادلة عندما تكون ومعها حلفائها فهي معنية أن تدير سياسيا توقيت المعارك .
المعادلة الروسية لشرط الشراكة مع أمريكا تقول أن الرئاسة في السورية ليست شأن خارجيا فالقرار هو قرار السوريين ، وفرضت روسيا صيغة الهدنة باستثناء داعش والنصرة وعلى الفصائل الأخرى إما أن تلتحق بهما أو بالهدنة ، فالأمريكي أمامه خيارين إما المضي بالتفاهمات مع روسيا ويقول أن على المعارضة أن تعود إلى محادثات جنيف دون قيد أو شرط وعلى الجماعات المسلحة المنضوية في المعارضة ان تخرج من منطقة سيطرت النصرة وعلى تركيا إغلاق الحدود وهذا بالتالي يصبح الأمريكي بلا حلفاء ، أو يقوم بتغطية حلفاءه ويخرج من التفاهمات وفي الحالتين يدرك الروسي أن الأمريكي في مآزق ، فيجب أن يسير بهذا التفاهم وهو أن النصرة ليست جزء من الهدنة فمن يريد أن يلتحق بالنصرة يجب أن يخرج من المحادثات السياسية ومن يريد أن يبقى عليه أن يخرج من تحت عباءة النصرة ومناطقها ، والجيش السوري عندما يشتبك مع النصرة فهو لا يخرق أحكام الهدنة وهذا سوف يأخذ وقت لذلك ابتكر الروس معادلة نظام التهدئة بدلا من أحكام الهدنة .
ميزان القوى الذي حكم الانتصارات السابقة سينتج انتصارات لاحقة وميزان القوى هذا الذي مكًن سورية من أن تنتج الحلف الذهبي الذي تتماسك أطرافه بقوة وتحكمه رؤية موحدة ويملك تكتيكات إستراتيجية بأن هذا الحلف كما صنع الانتصارات التي مضت سيصنع الانتصارات القادمة ، والإدارة السياسية الناجحة التي تتفادى منح الأعداء ما يريدون والتي اعتمدت العمل السياسي المدروس والهادئ ، فالبوصلة تقول ثلاثة أشياء أولا أن الإدارة الناجحة التي قدمها الرئيس الأسد خلال السنوات الخمس الماضية أثبتت أنها حكيمة وشجاعة لأنها اعتمدت العمل السياسي الهادئ لاستنهاض قوى وتحييد قوى ومخاطبة قوى ، ثانيا نحن أمام حلف متماسك ليس بينه أي فرضية للانقسام أو الاختلاف و يناقش كل الفرضيات ويختبر الإمكانات ويرسم السياسات ، ثالثا نحن الآن في مرحلة من الاختبار الصعب والدقيق لأيام قليلة لتتبلور فيها ثلاثة خيارات: أن تكون حرب ينكفئ الأمريكي من واجهتها ويخوضها حلفائهم كلهم وتكون حرب حسم وهو احتمال مستبعد ، ثانيا بقاء نظام التهدئة لحلب وجوارها وحصر المعركة في ادلب وريفها بصفتها منطقة للنصرة وهذا احتمال كبير، ثالثا تكون معركة النصرة دون تحديد الجغرافية وفي هذه الحالة يترك للفصائل التي تقاتل إلى جانب النصرة أن تقرر هي بأن تكون جزء من العملية السياسية فتنسحب من مناطق سيطرتها أو أن تلتحق بها فتخرج من العملية السياسية ، ففي كل الأحوال سيكون حلف روسيا وسورية وإيران وحزب الله هو الرابح وسنكون مع نهاية هذا الشهر أمام مفصل نوعي في مستقبل المواجهة العسكرية والسياسية يؤسس للبحث الجدي ، بالتالي نحن أمام طريق النصر مهما كانت التعرجات .
2016-05-08 | عدد القراءات 4392