الانقلاب التركي ...وتصفية الدولة العميقة

تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة :ستكون مخصصة للوضع في تركيا فهو وضع يستحق التوقف عنده ففيه الكثير من التساؤلات، نبدأ من النقطة التي بين اردوغان وما يسمى بالدولة العميقة في تركيا  ( الجيش والقضاة والسلك الدبلوماسي ) فحلم اردوغان التاريخي الذي جاء من اجل تطبيقه يرتبط بإلغاء الدولة العميقة أي بشطب دور القضاء والجيش في مؤسسات  الدولة وقراراتها الكبرى ، مشروع اردوغان كان يقوم على ما يلي انه تتقدم طلائع الربيع العربي وتكسر الأنظمة القائمة ويتسلم الإخوان الحكم وتكسر العقدة السورية فقام اردوغان منذ السنوات السابقة من عام 2011/ 2016 بوضع كل إمكانياته من اجل أن ينتصر مشروعه في سورية ، فتحدث عن المنطقة الآمنة وتهديد أوروبا بالمهاجرين و اللاجئين لخنق أوروبا بهم وإنشاء منطقة داخل الحدود السورية لوضع داعش والنصرة  فداعش اخترعت ونظمت بالاتفاق المخابرات الأمريكية والتركية لكي تكون الأداة لاستنزاف الجيش السوري وحزب الله وإيران والعراقيين .

الانقلاب صناعة تركية أولا، ويرجع سبب فشله لأنه انقلاب تقليدي ، ثانيا لا احد يستطيع أن يؤيد انقلاب ضد حكومة ورئيس منتخب فالذي افشل الانقلاب هي نقطة تقنية أمنية عسكرية لها علاقة بتسلسل الحلقات التي قررها قادة الانقلاب وغياب البعد الشعبي الحامي للجيش وغياب مشروع سياسي مقنع للداخل التركي وللخارج بأن الذي جرى هو عملية جراحية لمدة قصيرة جدا من اجل تسليم البلد لإدارة جامعة لكل المكونات والقوى ولتعيد النصاب للديمقراطية والعلمانية والحريات ويرافق هذا الغياب الدور الذي لعبته مخابرات اردوغان وأمنه الداخلي وحزبه وهذا الذي دفعه للانتقام والتفرد في قطف ثمار فشل الانقلاب فالذي جرى هو نتاج طبيعي لنية اردوغان في التخلص وتصفية  الدولة العميقة .

تركيا الآن تعيش حالة الانتقام هذا الانتقام الذي سينتهي بآلاف القتلى وعشرات آلاف المعتقلين وفرط وإضعاف  الجيش والقضاء ليصبح الجيش بلا روح أو معنويات وحرمانه من التدخل بالسياسة الداخلية وبالتالي تصبح تركيا بلا سياسة خارجية ، العثمانية انتهت بنهاية دور الجيش وهيبته وعظمة حضوره ومكانته بالتالي تركيا الآن هي ولاية إخوانية وليست دولة جمهورية .

نحن أمام مرحلة مزيد من الاستسلام التركي للمشيئة الأمريكية والروسية وفق خط التفاهمات التي أنتجته روسيا وأمريكا حول اللعبة الإقليمية أي ثنائية  الحرب على داعش والنصرة وتقليم أظافر الجماعات المسلحة التي ترفض الخروج من مواقع النصرة كأحرار الشام وجيش الإسلام وسواها وهذا سيجبر اردوغان بالقبول بالتنازلات ،  نحن أمام مرحلة ستزداد فيها حالة الانكشاف و الضعف التركية أمام الخارج ، وبالتالي سقط مشروع العثماني الذي كان يمسك الداخل نحو أوهام وأحلام يجملها وبإسمها يمارس سيطرة الإخوان فتركيا إلى المزيد من التبعثر والتفكك فحالة الانتقام سيؤدي إلى الانقسامات والى العداوات ، صورة اردوغن الآن هي صورة الطاغي والقاتل والمتوحش والمجنون والهارب من العقاب فهي الصورة المناسبة والتي يجب أن يظهر عليها اردوغان والصورة التي يجب أن يعرفها الأتراك وغيرهم والذين ظلموا وقتلوا والأيام القادمة ستحمل الوقائع والحقائق لمحاسبة اردوغان في تركيا سيحاسب أمام الدولة المدنية والديمقراطية وأمام القضاء بصفته قاتل ومجنون وموهوم بالعظمة .

في الختام الذي جرى في تركيا هو ثمرة الفشل الذي أصيب به مشروع العثمانية الذي أطلقه اردوغان فوصل إلى الطريق المسدود و تكسر مشروعه على الصخرة السورية وسقط مشروع الإخوان في تونس ومصر وسورية  وحرموا من الحكم في قطر وسحبت السلطة من محمد مرسي وراشد الغنوشي لان الإخوان فشلوا في سورية وضعف اردوغان و اعتذر من روسيا لان الإخوان فشلوا في سورية ، وبالتالي تكسرت أوهام وأحلام المشروع الأوروبي والمشروع العثماني الجديد عند العقدة السورية، فكانت النتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمشروع الانقلابي في تركيا ودخولها في النفق المظلم وتصفية الحساب الذي لن ينتهي ولكنها بهذا تنهي دور تركيا الإقليمي وتنهي قدرتها على لعب دورها كقوة عظمى في الجوار. 

2016-07-22 | عدد القراءات 12944