تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة ستكون مخصصة حول مضمون التفاهم الروسي الأمريكي حول سورية في تداعياته المترتبة عليه والاستنتاجات المبنية على هذا الفهم ، في النقطة الأولى اللحظة التي قررت فيها واشنطن أن تستدير أساطيلها التي أرسلتها إلى المتوسط بنية الحرب دون أن تخوض هذه الحرب فهي قررت سلفا أن يكون سقفها هو ما تتيحه المعادلات والتوازنات بين الميدان والسياسة فالأمريكيين يدركون حجم المخاطر المترتبة على الذهاب إلى المواجهة المفتوحة ويدركون أيضا أن روسيا قد اتخذت قرارها بخوض المواجهة إذا فرضت عليها ، كما أن إيران اتخذت قرارها بأن تكون معركة سورية أم المعارك وحزب الله استعد أن تكون المعركة معركة مصير ووجود إسرائيل لذلك كانت استدارة البوارج فعادت من حيث أتت .
عندما جاءت روسيا في نهاية عام 2015 وبعد التفاهم النووي الإيراني وإطلاق حملة السوخوي وذلك بعد استهلاك اسرائيل وعادت المقاومة لترسيم معادلة الردع من خلال صيغة مزارع شبعا ، وكما أن حرب اليمن التي أريد من خلالها أن تكون مصدر قوة للموقع السعودي القائم في المعادلة فقد باتت حرب استنزاف للقدرة السعودية ، والدخول إلى ادلب التي أريد أن تكون بداية لإمارة الشمال بدأ مع عاصفة السوخوي يتهاوى وتركيا أصبحت تحت منظار التصويب فكانت إسقاط الطائرة الروسية نقطة الفصل التي على أساسها بدأت جملة من التداعيات تنتهي بالإعلان التركي قبل الانقلاب وبعد الانقلاب بأفضل العلاقات مع روسيا وإيران والتطبيع مع مصر والعراق وسورية .
عند سقوط جدار برلين أمريكا محكومة بثلاثة عناصر: العنصر الأول هو وهم زعامة العالم فلا وجود لمنافس بالإضافة للوضع الروسي المنهار وتفكك الاتحاد السوفيتي وبالتالي إخضاع روسيا وتركيعها ، إخراج تركيا من المعادلة وكما هو حال بريطانيا ومشروع الاتحاد الأوروبي فالأمريكي يعلم انه خسر الرمحين الاستراتيجيين الذي كان يشتغل عليهما منذ سنوات وعليه الآن أن يستعد لمرحلة قادمة وخطوط أمان من نوع آخر أي بالانخراط بالتفاهمات وبالتالي حرب سورية ستدخل منعطفاتها القادمة وسيحقق الجيش السوري انتصارات نوعية حاسمة وهذا سيحدث بقوة الصمود والثبات الذي غير المعادلات ، فنحن الآن قادمون على التحولات السريعة ففي شهر أب 2016هو الشهر الفاصل في المنطقة وهو آخر شهر يمكن لإدارة اوباما أن تقوم بشيء من اجل الانتخابات ، أمريكا ستسير بالتفاهم وهذا أمر واقع .
كيف ستتصرف أمريكا كي لا تتحول التسوية في سورية إلى نقطة لتهديد امن إسرائيل لاحقا ، إسرائيل تدرك قبل التفاهم النووي بأنها قلقة من هزيمة داعش والنصرة وخائفة من انتصار الأسد مرة أخرى وتخشى أن تكون إيران وحزب الله قد أصبحوا على حدود من جهة الجولان ، القلق الإسرائيلي مبني بالأصل على انه دخلت إسرائيل وأدخلت الغرب بالحرب على سورية بحساب أن الأمور غير قابلة لفرص سلام وتسوية وان الظروف والمناخات المحيطة بالصراع العربي الإسرائيلي تشبه ظروف حرب 1973 ومثل ما قام الرئيس الراحل حافظ الأسد بتدريب وبناء الجيش السوري وإعداده لحرب تغير قواعد اللعبة فيبدو الرئيس بشار الأسد يعيد الكره إلى جانب العلاقة القوية والعميقة مع حزب الله وهذا بالتالي يحدث تغير استراتيجي فوق طاقة إسرائيل القدرة على امتصاصه بعد هزيمتها أمام حزب الله عام 2006هذه هي القراءة الإسرائيلية ، كما ان بقاء الرئيس الأسد بقوته وخصوصا بعد سنوات الحرب العالمية التي فرضت عليها وتمكنها من تحقق النصر الذي يريده العالم على الإرهاب مما زاد من قوة الجيش السوري وبالتالي ازداد حجم القلق والذعر الإسرائيلي .
الجهد الأمريكي الرئيسي مع روسيا لم يكن منصبا على المناقشات التي يعلن عنها ، بل أن التفاهم السياسي هو أن روسيا رفضت أن تعطي صك ضمان بتحييد إسرائيل من خطر حرب ما لم تدخل إسرائيل بالتسوية تسوية عنوانها القرارات الدولية وعنوانها انسحابها من الأراضي المحتلة عام 67 وعنوانها حل قضية اللاجئين وفق حق العودة وعنوانها القدس عاصمة لدولة فلسطينية على غزة والضفة والقدس الشرقية ، وهذا يستحيل إسرائيل أن تأتي إليه فإسرائيل المهزومة يقوى فيها التطرف على الدولة فهي لا تستطيع أمام التطرف الديني لأنها ارض الميعاد ، وبالتالي لا إمكانية للحديث عن دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 67 فالحل هنا هو المناورة الكبرى أي أن تعلن إسرائيل المبادرة العربية للسلام وذلك للتهيئة المناخ والتطبيق الشامل .
نحن أمام مشروع كبير على مستوى المنطقة ولكن الذي حدث في تركيا أربك هذا المشروع بالإضافة إلى قلق وخوف المستوطنين في أراضي 48 من انتفاضة السكاكين ، بالإضافة للتنظيمات المقاومة فمشروع التسوية بالمسألة الفلسطينية هي من أكثر المرات يكون فيها جديا ويكون له فيها حظوظ وافرة ولكن المصلحة أن تكون هذه القضية حية حتى تستعيد فلسطين كامل حقها و إزالة إسرائيل من الوجود .
الحرب كما كانت قبل ست سنوات هي بناء نظام إقليمي جديد وبناء نظام عالمي جديد يبدو أن نهاياتها ترسي نظام وبناء عالمي جديد وماهية هذا النظام العالمي الإقليمي الجديد تجري المساعي والمحاولات كي تقف إسرائيل على ضفة تلقي بعض النتائج الايجابية ومنع النتائج السلبية من التدفق عليها بعدما فشلت بإمكانية جعلها صاحبة اليد العليا ، بالتالي تغيرت معادلة المنطقة والقوى القابضة على القرار في المنطقة تغيرت وجهتها فالحديث عن نظام عالمي إقليمي قواه عادت فيه البحار الخمسة التي أطلقها الرئيس الأسد وتهرب من مفاعيلها التركي والسعودي والمصري وهم الآن يدفعون ثمن هذا التهرب .
في الختام بعد الانتظار والمعارك التكتيكية والتفاصيل المتعبة والمستنزفة نحن نصل إلى اللحظات الحاسمة فخلال العشرة الأيام القادمة سنكون أمام بدايات جديدة في المواجهات العسكرية وبعدها ربما سنكون أمام إعادة إنتاج العملية السياسية الشكلية في سورية ولكن الجوهر هو أن الحرب على النصرة وداعش ستكون قد بدأت ومعادلة سورية الجديدة ستكون قيد الولادة ومن خلالها معادلة شرق أوسط ونظام عالمي جديد وفي كليهما ستكون سورية الجديدة سورية برئاسة السيد الرئيس بشار الأسد وبخيارها المقاوم هي قوة لا يمكن الاستغناء عنها .
2016-07-27 | عدد القراءات 13766