اتجاه المعركة في الشمال السوري لن تستعاد فيه تجربة الكر والفر.. المرحلة الفاصلة النهائية في مستقبل هذه الحرب قد بدأت ...

 

تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة التي ستكون مخصصة لمتابعة الوضع في سورية والذي يشكل الآن مفتاح إعادة رسم معادلات المنطقة وتوازناتها وهي دائما حلقة مركزية وكان دائما عنوان نهاية حرب المنطقة والمفصل الحاسم فيها ، ولكن كانت دائما للساحات الأخرى تأثيراتها وتداعياتها لان الساحة في سورية  ساحة الحرب وكانت تعيش حالة الكر والفر وحالة السجال وحالة التوازن السلبي ، فمنذ التموضع العسكري الروسي التي قطعته الهدنة لشهور قليلة دخلت المواجهة في سورية مراحلها الحاسمة ولكن نحن الآن ندخل بالنهايات وتتويج كل التراكمات التي أدت إلى وضع كل جبهات القتال وكل القوى المتقابلة وبكل قدراتها في لحظة اشتباك مصيرية ومفصلية كما في كل الحروب لذلك حرب حلب ستقرر مصير العالم ، فمعركة الشمال في سورية مفصلية لأنها تؤشر بان تركيا هي جزء من المعركة فكل الحراك الدولي والإقليمي يدور حول موقع تركيا قبل الانقلاب حيث بدأ الانعطاف في الموقف التركي ، قيمة الانقلاب انه جعل التركي ينشغل بنفسه أكثر وعاجز بالتدخل والانصراف للخارج وأصبح اضعف أمام الدول الكبرى اي الروسي والأمريكي وذلك بسبب الارتباكات الخاطئة التي يقوم بها داخل تركيا ، صمود سورية وموقف إيران وحزب الله والتموضع الروسي كان الدليل على إخراج تركيا ، وهذا الحلف استطاع باستنفاذ الوقت الأمريكي المتاح لربح الحرب فالأمريكي سلًم بالحرب على النصرة وداعش وسلًم بالربح على داعش من دون المعونة أي القوة البرية الذي لا يملكها وفشل الجماعات المعارضة التي كان يراهن عليها فهو الآن لا يملك خيارات ، الجماعات المسلحة التي لا تخرج من لعبة داعش والنصرة ولا تعتبر الأولوية الحرب على الإرهاب فمجاز ضربها أسوة بالنصرة وداعش وهذا ما حصل بجماعة نور الدين الزنكي في منطقة بني زيد التي كانت ترعاها أمريكا شخصيا ، أما الذين يريدون الدخول في العملية السياسية كجماعة الرياض وسواهم عليهم أن يرتضوا أن سقف العملية السياسية هو الحرب على الإرهاب وليس اسقط نظام أو تغيير وإصلاح أو الاتفاق على صيغة حكم انتقالي بل أن الجوهر هو تجميع القوى التي تريد الحرب على الإرهاب من الدولة والمعارضة ، فهم واثقون تماما من نتيجة الانتخابات الرئاسية سوف تكون لصالح الرئيس الأسد ، فالأمريكي ليس لديه خيار إلا بالدعوة للانتخابات وذلك بعد نهاية الحرب على الإرهاب فيعلم الأمريكي انه سيوقع على نهاية حربه بالفشل فعنوان حربه كان إسقاط الأسد ولكن الآن تنتهي حربه بتكريس بقاء الرئيس الأسد ، ولكن الأمريكي لن يقف مكتوف الأيدي فهو يريد الاشتغال بالجنوب السوري وذلك لحماية إسرائيل وضمان أمنها ، وأيضا حدود سورية العراق التي تريد أمريكا بها أن تقطع شريان التواصل بين المقاومة وعمقها الإيراني فتقوم بتشكيل بما يسمى معارضة معتدلة وتعمل بالتنسيق مع الأمريكي بذريعة ضرب داعش ولكن تسارع ما يجري في الشمال السوري وانتباه سورية والمقاومة لن يسمح بهذا لان جبهة الجنوب ستكون هي المفصل الاستراتيجي ، حسم جبهة الشمال السوري انتهى فالدولة التركية لم تعد تقدم الغطاء الناري ولم تعد تفتح ممرات حقيقة للآليات والمقاتلين ، لذلك البعد الاستراتيجي للمعركة قد أصبح بأمن إسرائيل ففي الجولان ممنوع أن تتمكن أمريكا من اللعب بخط الحدود أو تتمكن من الحدود السورية العراقية بالإمساك بمفاتيحها ومفاصلها فهي أول الألاعيب الذي يجري كشفها وتعطيلها .

معركة الكر والفر تكون عندما يكون التوازن السلبي في القدرات والقوى قد بلغ ذروته في الطرفين المتقابلين ففي تاريخ الحرب السورية جميعها كانت المعارك كر وفر إلى تاريخ 30 من أيلول/ 2015 / لان الدولة السورية كانت إستراتيجيتها تقوم على معادلة إدراك فالذهاب إلى معركة كسر العظم سيستنزف الجيش ويترتب عليها خسائر هائلة لذلك كان التصرف بتخفيف أي إمكانية لضرب البنية الأساسية للجيش فالمعركة الحاسمة لم يأتي أوانها بعد وأوانها عندما ينتهي الوقت المتاح للأمريكي لخوض الحروب . فالذي سمح بعملية الكر والفر هو قرار الدولة السورية بالا تخوض المعارك الفاصلة والحاسمة  خلال الأعوام الماضية  فهي رسالة  للشعب السوري وأعداءها أن الجيش عندما يقرر فهو قادر فهي رسالة إستراتيجية في قلب معركة تكتيكية .

في الختام اتجاه المعركة في الشمال السوري لن تستعاد فيه تجربة الكر والفر في كل معارك سورية السابقة فالذي يحدث في الشمال سيتدحرج إلى مزيد من الانتصارات ، فنحن أمام معادلات جديدة ليست قابلة للارتداد فبدأت المرحلة الفاصلة النهائية في مستقبل هذه الحرب ، نحن الآن دخلنا مرحلة الكلمة الكلمة فيها فقط للسلاح ، والحلف المقاوم من سورية وإيران وروسيا وحزب الله الذي يقف بجانب سورية بكل قدراته وإمكاناته كلها سيكون عنوانه كيف ستحسم المعركة بأقصر وقت ممكن لنصل خلال نهاية هذا العام ويكون الشمال والشرق والجنوب السوري والمدن الكبرى قد أصبحت تحت سيطرة الدولة السورية .       

2016-08-02 | عدد القراءات 25963