تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل هذه الحلقة مخصصة لحلب الحرب الفاصلة التي ستقرر مستقبل سورية والمنطقة والى حد كبير مستقبل العالم أي التوازنات التي ستحكم المعادلة الدولية طالما أن في هذه الحرب يصطف على طرفي خندقيها من جهة كل الأطراف المؤيدة للدولة السورية من المقاومة اللبنانية إلى روسيا وإيران وفي الضفة المقابلة لا تتخندق القاعدة وحدها من جبهة النصرة بل معها كل مكونات الجماعات المسلحة التابعة للسعودية وتركيا ومن خلفهما بنسب مختلفة كل من تركيا والسعودية وإسرائيل قطر وفرنسا وأطراف حلف الأطلسي ، وهذه الحرب بالنسبة لكل الأطراف هي حرب فاصلة ، فمن يسيطر على سورية يسيطر على معادلة تتأثر بها كل هذه الأطراف فالمعركة في سورية ليست معركة ربح إضافي أو خسارة شكلية يمكن أن تصيب المتداخل فيها بل العكس تماما المعركة في سورية هي معركة مصير ووجود بالنسبة لكل المنخرطين فيها ، فمن يخسرها يصاب بهزيمة كاملة ومن يربحها يجني نصرا كاملا لذلك تخوض الدول والأطراف معركة سورية واستطرادا معركة حلب التي باتت تختزل كل معركة سورية ، فانتصار الدولة السورية في معركة حلب يعني أنها أصبحت اليد العليا في رسم مستقبل سورية وهذا يعني إخراج السعودية من سورية وقطع اليد التركية في سورية وإسقاط الأحلام الإسرائيلية في سورية وبالتالي إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد التي تريده الولايات المتحدة الأمريكية.
تزامن النصرة في معركة حلب لم يكن صدفة أوعبثية بل كان ضمن برنامج متفق عليه فالأمريكي يعلم جيد أن ظهور النصرة بهذه الطريقة وبهذا الحجم من إمكانات والقدرة الهجومية سيعني استشراسا روسيا في سحقها لان ما يعني روسيا في أمنها الداخلي وما يعني روسيا في دول آسيا الوسطى هو النصرة وليس داعش فيعلم الأمريكي انه إذ لم يكن جاهز للتدخل العسكري المباشر للزج بأساطيله وطائراته لإنشاء توازن فلا إمكانية لحماية النصرة . فبعد التحول الكبير التي جرى في الانتخابات الأمريكية بان كل استطلاعات الرأي تجزم بفوز كلنتون أي لم يعد هنالك معركة انتخابية وأصبح من السهل الفوز بها فالمعركة على داعش لم تعد مطلوبة في آب وأيلول فهذه المعركة كانت مطلوبة من اجل الانتخابات لذلك تم تأخير التفويض على التفاهم مع روسيا لنهاية العام واستخدام النصرة من اجل الاستنزاف الحقيقي للجيش السوري وحزب الله وروسيا . فالثلاثي "هيلاري كلنتون و"اشتون كارتر" و"ديفيد بتريوس" هم ليسوا من أنصار التفاهم مع روسيا وليسوا من أنصار الحل السياسي في سورية مع الرئيس الأسد بل هم من أنصار الاعتماد على النصرة لذلك يتم تزويدها بالإمكانات والأسلحة والرجال فنحن الآن أمام معركة كبيرة ومفتوحة خلال الشهرين القادمين .
أما التركي الذي كان يراهن على عاصفة الشمال التي يفترض أن تقوم بها النصرة عندما شنت هجوم على خان طومان فكان الرهان أن تستمر و تتواصل لتجتاح حلب ولكن أحبطت هذه العاصفة وأُعد لهجوم الكاستيلو وبالتالي خرج التركي من المعركة فحرب سورية لم تعد وجهته ولم تعد حربه وهذا ما أعلنه أمام حشده في خطابه الجماهيري الكبير ، فالتفاهم مع روسيا يعني أن يقطع علاقته بالنصرة وعليه أن يغلق الحدود وعليه أن يرتضي حدا أعلى له اسمه ضمان روسي بعدم إنشاء كيان كردي له شمال سورية ، ومن هنا جاءت الرسالة لاردوغان من خلال تصريح "صالح مسلم" زعيم الاتحاد الديمقراطي الكردستاني و لجان الحماية الكردية العصب الأساسي بقوات سورية الديمقراطية : "انه لا إمكانية واقعية وموضوعية للحديث عن قيام كيان كردي على الحدود السورية التركية لذلك نحن لا نقبل بتقسيم سورية ونحن متمسكون بوحدتها على أن يكون للأكراد حقوقهم السياسية والثقافية والإنسانية داخل سورية الموحدة " . فالتفاهم حول سورية هو الخروج من اللعبة السورية والاستعداد للجماعات التي يمون عليها لإنجاح العملية السياسية تحت السقف التي تراه روسيا وعليه القول أن أولوية تركيا أصبحت استقرار ووحدة سورية .
وفي الختام نحن أمام معادلة تخسر فيها أمريكا دور تركيا في سورية فالدور التركي في سورية ذاهب بالاتجاه التموضع على ضفة التسويات فمعادلة الحرب في حلب هي معادلة يائسة وغير قابلة للحياة ، وبالتالي معركة حلب هي مجموعة من جولات المواجهة التي قد تمتد لعشر أو خمسة عشر جولة والتي قد تستمر لشهرين ولكن ستنتهي بانهيار البنية الرئيسية لجبهة النصرة تحت ضربات النيران الروسية وفي المقابل ضربات المواجهة والمباشرة في الميادين من مقاتلي الجيش العربي السوري ومجاهدي المقاومة ومن معهم من الحلفاء إلى أن تتبلور صورة المشهد في شهر أيلول على قاعدة أن الشمال السوري بات أنه سيقع كثمرة ناضجة في حضن الجيش السوري وتغلق معها نهائيا الحدود ومعها جبهة النصرة ، الحرب ذاهبة باتجاه النصر مع نهاية هذا العام .
2016-08-09 | عدد القراءات 25650