تركيا تراوغ لكنها تعرف حدودها – مقدمة نشرة أخبار توب نيوز - روزانا رمال - 02 -12-2014

لم ينعقد المجلس الإستراتيجي التركي الروسي على مستوى مشاركة الرئيس فلاديمير بوتين  زائرا لأنقرة ، عبثا ولا ترفا ، ولا لأن القانون الذي تتشكل على أساسه هذه المجالس يلزم بذلك .

المجلس عادة يترأسه رؤساء الدول عندما يكون ثمة ما يتسحق بين الدولتين لقاء قمة يتخذ من المجلس سببا ، ويكون النقاش أبعد من مواضيع مجالس التنسيق التي يفي بأغراضها رؤساء الحكومات ، والوزراء المعنيون .

أو يحضر الرؤساء عندما يكون للعلاقات الثنائية  ما يستدعي الإضاءة عليه من فوق وإجتذاب الإهتمام لمنح هذا البعد الثنائي زخما يستحقه برأي الرؤساء .

لكن العلاقات الروسية التركية على المستوى السياسي تجاه الملفات العالقة التي تشكل محور إهتمام الدولتين والحكومتين  والرئيسين في أسوأ حالاتها ، سواء ما يتصل بأوكرانيا أو ما يتصل بسوريا والقضيتان في ظل حلحلة الملف النووي الإيراني الذي لم تكن تركيا يوما عقبة فيه ، قضيتي العالم اليوم .

وكذلك العلاقات الروسية التركية الثنائية في أسوأ أيامها ايضا ، فتركيا تورطت في ملف الغاز بمشروعي أنابيب مهمتهما المضاربة على الغاز الروسي واحد من أذربيجان والثاني من قطر وراهنت على الحرب  على سوريا أن تحد من قوة روسيا لتسترد هنغاريا لخط نابوكو من أذربيجان ، وعلى الحرب  نفسها لتسيير خط الغاز االقطري عبر سوريا فتركيا إلى أوروبا ، وتركيا منافس سياحي لروسيا في إجتذاب السياح الغربيين ، كما هي دولة صناعية تسعى لدخول السوق الأوروبية كما هو حال روسيا والصناعات الخفيفة لدى كل منهما .

نتائج القمة تقول  عكس ذلك تماما ، فهي  تقول أن تركيا حصلت على جوائز إقتصادية لا ينالها إلا المنتصر بينما  هي في حلف المهزومين في حربي سوريا وأوكرانيا وتمنياتها لم تعد تصرف لدى حلفائها ،كما قال تصريح الخارجية الأميركية عن الموقف السلبي من الطرح التركي للمنطقة العازلة على الحدود السورية التركية .

تنال تركيا مفاعلا نوويا ، وشراكة بخط الأنابيب الروسي عبر البحر الأسود الذي كانت تعارضه وإتفاقية تبادل تجاري بمئة مليار دولار ، ومليوني سائح تتبادل مثلهما مع روسيا ، وتخفيضا لسعر الغاز الروسي عن سعر البيع لأوربا بستة بالمئة لمنح صناعاتها قوة تنافسية في أسواق أوروبا .

تنال تركيا قبولا روسيا بتعليم اللغة التترية  كلغة ثانية في شبه جزيرة القرم وهي من إستخدم خصوصية علاقتها بالتتار ضد روسيا .

يتحدث أردوغان وبوتين كل بلغة عن الرئيس السوري بشار الأسد ، ورغم  ذلك  يقول بوتين إتفقنا على الساسيات وإختلفنا  على التفاصيل وبقول أدروغان الخلاف كبير حول سوريا .

في السياسة إتفاق  معلن وحيد هو السعي لحل شامل للأزمة في سوريا تشارك من خلاله تركيا مع مصروالسعودية وإيران ودول مجلس الأمن الخمسة الكبار في مجموعة جديدة لأصدقاء الحل في سوريا .

القيمة الوحيدة لهذا الإطار أنه يمنح تركيا فرصة التذرع بالعجز عن فرض رأيها لتتخلى عنه ، فيصيرالإجتماع هو مبرر النزول  عن الشجرة كي تخرج  المجموعة بمبادرة سياسية أمنية هي ما إتفق  عليه الروس والأميركيون والمبعوث الدولي ستيفان ديميستورا ،وجوهرها الحرب على الإرهاب امنيا وإعتماد الإحتكام لصناديق الإقتراع سياسيا .

بعد تفاهمات فيينا حول الملف النووي الإيران صار شكل التفاهمات هو البدء في التنفيذ ثم الإعلان ، تسهيلا لحفظ ماء الوجه للمتراجعين عن  سقوفهم العالية وهذا هو حال الغرب في التفاوض  مع إيران وحال تركيا مع روسيا .

بوتين حصل على ما يريد من أردوغان فمنحه التعويض المناسب .

تركيا تراوغ لكنها تعرف حدودها .

2014-12-02 | عدد القراءات 7483