كتب المحرّر السياسيّ
فاق قلق اللبنانيين على أمنهم خوفهم من الانهيار الاقتصادي والمالي، مع الأحداث المتنقلة التي عرفتها مناطق الشياح وعين الرمانة من جهة، وبعبدا وبكفيا من جهة موازية، ووصلت إلى طرابلس في محاولات لاقتحام مكتب التيار الوطني الحر من جهة ثالثة. وبدت موجات التصعيد المسائية كردّ على ما خرج به أول اجتماع لقيادة الجيش وقادة الأجهزة الأمنية منذ بدء الأحداث الأمنية التي شهدتها شوارع لبنان، وفي حصيلة الاجتماع تحدثت مصادر عسكرية عن قرار الضرب بيد من حديد، لأن مخاطر تحول استخدام الشارع للتعبير السياسي إلى مشاريع فتن طائفية كانت ظاهرة وداهمة ولا تزال، ولأن وجود جهات خارجية ترغب باستغلال أي فرص للفوضى لتحويل لبنان كله إلى منصة لإيصال الرسائل بين القوى المتصارعة على مساحة المنطقة لا يحتاج إلى دليل أو إثبات، ولأن كثافة وجود النازحين السوريين ومخاطر تسلل تشكيلات إرهابية بين صفوفهم، لا تزال كبيرة. وقالت المصادر العسكرية إن القرار قد اتخذ وإنه هذه المرة خلافاً للمرات السابقة لا مكان فيه للتسويات والحلول بالتراضي.
على أمل الاستقرار الأمني تابع اللبنانيون تطورات المشهد الحكومي، في ظل غموض متجدد في موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، لم يبدّده البيان الذي قال فيه إنه لا يرغب بتولي رئاسة الحكومة الجديدة، معيداً قراره إلى دعوة الحراك الشعبي لمحاسبة المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الحكومة، موجّهاً كلاماً انتقادياً بالتلميح والتصريح لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، متنصلاً من مسؤولية حرق الأسماء التي عرضها في التداول كبدائل مقبولة منه، ولكن قبل مضي ساعات على البيان كان مكتب الرئيس الحريري يردّ على المرشح الذي تمّ التداول باسمه كآخر مقترح تقدم به الرئيس الحريري بعد إعلان الوزير السابق بهيج طبارة سحب اسمه من التداول، حيث صرّح المهندس سمير الخطيب عن استعداده لتولي مسؤولية تشكيل الحكومة إذا لاقى الإجماع اللازم. وجاء الرد من مكتب الرئيس الحريري بنفي أن يكون قد طرح أي أسماء، وأنه سيعلن موقفه عندما يحدد موعد الاستشارات النيابية، وكان الرد كافياً لتقرأ القوى السياسية المعنية فيه تنصلاً من الاسم المطروح على طريقة ما جرى مع الوزيرين السابقين محمد الصفدي وبهيج طبارة، فيما كان الحريري قد منح في بيانه حيزاً لدور المرأة لقيادة العمل السياسي وهو ما قرأه كثيرون تمهيداً لطرح اسم سيدة يرجّح أن تكون وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن المقرّبة من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الذي كان عيّنها وزيرة للمالية في إحدى الحكومات التي ترأسها، ولم تستبعد الأوساط المعنية أن يطرح الحريري بعد تحديد موعد الاستشارات النيابية اسم ريا الحسن لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن يسعى لتسويق اسمها توافقياً مرة أخرى.
على جبهة بعبدا، حيث حسمت مصادر القصر الرئاسي نية رئيس الجمهورية تحديد موعد الاستشارات النيابية قبل نهاية الأسبوع، أبقت الباب مفتوحاً لتوافق الكتل النيابية على مرشح موحّد يظهره المسار التفاوضي الذي يبدو أنه لم ينقطع بين الثنائي حركة أمل وحزب الله والرئيس الحريري، وإلا فلا مانع من أن تختار كل كتلة الاسم الذي تراه مناسباً، وهذا يعني أن ينصرف رؤساء الكتل لنسج تحالفاتهم بعد غد لحسم تسمية مرشحين متقابلين يرجّح حصرهما باسمين، واحد تتبنّاه الأغلبية النيابية التي ستعيد تنظيم صفوفها و شدشدة براغيها لتضمن تماسك جبهتها المفككة منذ قيام التسوية الرئاسية قبل ثلاثة أعوام، والاسم الآخر في حال فشل التوافق يرجّح أن تحجم عنه كتلة المستقبل، لتترك لحلفائها تسمية الحريري نفسه من باب التذكير الإعلامي وليس التنافس السياسي.
لم يحدَّد موعد الاستشارات النيابية الملزمة رسمياً بعد، رغم إشاعة المقربين من بعبدا ان موعد الاستشارات هو يوم الخميس، علماً أن مردّ هذا التسريب، بحسب المعنيين، يكمن في الرد على بيان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي يحاول التنصل من المسؤوليات وإلقاءها على الآخرين.
ولفتت مصادر معنية لـ البناء الى أن اتصالات الساعات الأخيرة توصلت الى شبه إجماع بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال وحزب الله وحركة أمل على اسم مدير شركة خطيب وعلمي سمير الخطيب لتأليف الحكومة من بين أسماء أخرى جرى طرحها من قبل الرئيس الحريري أبرزها النائب فؤاد مخزومي ووليد علم الدين، معتبرة أن التفاهم على الخطيب في حال وصل الى خواتيمه قد يدفع الرئيس عون الى الدعوة للاستشارات هذا الاسبوع من أجل تأليف حكومة من وجوه غير استفزازية وتضمّ أخصائيين ومن الحراك الشعبي، خاصة أن ما نُقل عن الموفدين الأوروبيين يصبّ في خانة تأليف حكومة تكنوسياسية.
وكان الحريري أعلن أنه متمسك بقاعدة ليس أنا، بل أحد آخر ، لتشكيل حكومة تحاكي طموحات الشباب والشابات والحضور المميّز للمرأة اللبنانية التي تصدرت الصفوف في كل الساحات لتؤكد جدارة النساء في قيادة العمل السياسي وتعالج الأزمة في الاستشارات النيابية الملزمة التي يفرضها الدستور وينتظرها اللبنانيون ويطالبون بها منذ استقالة الحكومة الحالية. وقال: بعد إعلان قراري هذا، كلي ثقة أن رئيس الجمهورية، المؤتمن على الدستور وعلى مصير البلاد وأمان أهلها، سيبادر فوراً إلى الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة، لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة، متمنياً لمن سيتمّ اختياره التوفيق الكامل في مهمته.
أعلن المكتب الإعلامي للحريري في بيان أنه مع احترامه لجميع الأسماء المطروحة، فان خيار الحريري سيتحدّد مع الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة ويعلن في بيان صادر عنه، وما عدا ذلك لا يتعدى محاولات سئمها اللبنانيون لإحراق أسماء أو الترويج لأخرى .
وفيما تبدي مصادر متابعة لـ البناء خشية من أن يلجأ الحريري إلى إحراق اسم الخطيب جرياً عما فعله مع الوزير السابق محمد الصفدي، لفتت الى أن الحريري يريد الضغط على الثنائي الشيعي والتيار الوطني، والقبول بالتكليف لكن وفق شروطه، معتبرة أن محاولات الحريري سوف تفشل.
واستغرب رئيس مجلس النواب نبيه بري ما أسماه خطة حرق أسماء المرشحين السنة المحتملين.
وقال بري، بحسب ما نقل زواره: الآن هناك محاولة إحراق لسمير الخطيب بعد إحراق محمد الصفدي وبهيج طباره ونواف سلام ورؤساء لجنة الرقابة على المصارف .
واستغرب كيف أن حكومة مازالت تصرّف الأعمال لا يدعو رئيسها الى اجتماع طارئ أو يشكل خلية أزمة لأخذ إجراءات لمعالجة الأزمة وحماية مصالح الناس ، مشيراً الى انه طلب من حركة أمل إعادة بناء الخيم التي أحرقها بعض أبناء صور وقد أعيد بناؤها يوم الاثنين .
وأكد استعداد المجلس للاستشارات الملزمة ما أن يُحدَّد موعدها ورفض أي شكل من أشكال الـcapitol control، وقال إنه لا ينام وعيونه تدمع لرؤية مآسي الناس .
وأمس، نقل سفير روسيا لدى لبنان الكسندر زاسيبكين الى رئيس الجمهورية موقف القيادة الروسية من التطورات في لبنان، مؤكداً وقوف موسكو الى جانب الدولة اللبنانية ودعمها لها في مواجهة التطورات الراهنة. وأكد أن التعاون بين روسيا ولبنان قائم وسيشهد المزيد انطلاقاً من علاقات الصداقة بين البلدين والشعبين الروسي واللبناني، مشيراً الى ان بلاده لن تتردد في التجاوب مع ما يطلبه لبنان في هذا الظرف الدقيق الذي يجتازه، وقال: موسكو كانت الى جانب لبنان وستبقى .
وعلى خط آخر عزّز الجيش انتشاره على طريق صيدا القديمة بين الشياح وعين الرمانة بعد الإشكال الذي حصل بين شباب مناصرين لأحزاب في عين الرمانة – الشياح، حيث تطوّر إلى تبادل رشق الحجارة ومفرقعات نارية.
وفي بكفيّا، وقع عدد من الجرحى أثر الإشكالات التي حصلت بين مناصري حزب الكتائب من جهة وموكب التيار الوطني الحر الذي كان بدأ طريقه من ميرنا الشالوحي، وقد نقلهم الصليب الأحمر إلى المستشفى. وكان الجيش نجح بالسماح بعبور سيارات مناصري التيار باتجاه بعبدا..
وشهد شارع الجميزات في طرابلس توتراً واستنفاراً كبيراً بعد محاولات المعتصمين بالدخول واقتحام مكتب التيار الوطني الحر في طرابلس. وقد حصلت مواجهات بين المعتصمين والجيش اللبناني بعد أن حاول المعتصمون خرق الطوق الأمني الذي يقيمه الجيش امام المكتب، ما دفع الجيش لاعتقال 3 شبان. وقام المعتصمون بمحاولة سحب الموقوفين من الجيش حيث تمّ رشق عناصر الجيش اللبناني بالحجارة ما دفع العناصر لإطلاق النار في الهواء لتفرقة المتظاهرين. ثم حصلت مواجهات بين الجيش والمعتصمين، حيث استعمل الجيش العصي ما أدى لسقوط 3 جرحى حتى الآن، في حين توجهت فرق الإسعاف في الجمعية الطبية الإسلامية، والصليب الاحمر الى المكان.
2019-11-27 | عدد القراءات 3262