بالعملية الاخيرة على الجيش اللبناني تثبت جبهة النصرة ان ورقة العسكريين المخطوفين لديها هي اهم ما تملك من اوراق في لبنان و انها ليست بصدد حلها بالقريب العاجل و عليه فان الحكومة اللبنانية اليوم تقع امام مسؤولية اكبر بمواجهة الراي العام اللبناني بالمراوغة الحاصلة و العجز عن التوسط لاخراج العسكريين اما لسوء تقدير او سوء سياسة التفاوض و اما المفاوض نفسه ..
يلفت الانتباه الى العلاقة المباشرة بين جبهة النصرة و ووكالة الاناضول التركية حصرا و اذا كانت الحكومة اللبنانية لا تنوي الربط المباشر و العلني بين هذا الملف و الحكومة التركية فهي ايضا مسؤولة عن شيئ من المراوغة و تكريس الفشل فالوسيط القطري حتى الساعة و ان كان حليف التركي لم يصل لاي نتيجة و كل هذا ليس للتعويل على نجاح الوساطة انما لسد ابواب اي شكوك او تقصير قد يطال سلوك الحكومة في هذا الملف .
بعد الكمين الذي نصب للجيش اللبناني في راس بعلبك يتضح ان الجماعات الارهابية لا تريد تامين اجواءا مؤاتية لتفاوض منتج و جدي و العملية بحد ذاتها توقيتا و هدفا تلفت الى الضغط الذي اصبحت تعاني منه الجماعات المسلحة في لبنان و خصوصا في المناطق الحدودية الجبلية بعد تتالي انجازات الجيش اللبناني بين اعتقالات و مداهمات و خنق تلك المجموعات و حصرها بمكان تواجدها لكن الاهم بهذا الصدد ضرورة اخذ الحكومة اللبنانية بعين الاعتبار ان الايام المقبلة قد تحمل عبثا امنيا اكبر بسبب عدم القدرة على صمود المسلحين اكثر مع المصير المجهول في اعالي الجبال الباردة و عليه لا يمكن اعتبار ان حل قضية العسكريين قد يتم بسهولة تسبق معرفة مصير هؤلاء .
يتحدث خبراء عسكريين لبنانيين عن ان القناعة تزداد كل يوم عن ان قيام الجيش اللبناني بعملية عسكرية ضد المسلحين في جرود عرسال بات ضرورة و ذلك منعا لعبث الارهابيين في ارجاء الساحة اللبنانية ترجمة للحصار و تضييق الخناق الذين يواجهونه.
ثبت لدى المسلحين ايضا ان الساحة اللبنانية ليست تربة خصبة لتحقيق تقدم ملموس او نجاح في مشروعهم عموما نظرا للتجربة اللبنانية الحافلة بالمواجهات مع هذا النوع من المجموعات بالاضافة الى ان السياسة الدولية و ما يدور في ديبلوماسيا عن حلول و تسويات مفترضة تقطع عليهم الامل اكثر في اي دعم لوجستي خصوصا و ان معلومات امنية لبنانية تتحدث عن ان المسلحين يواجهون مشكلة مادية جدية .
الحديث عن اي عملية امنية يقوم بها الجيش اللبناني يستحضر بها الجيش اللبناني مباشرة السؤال عن التنسيق بين الحكومة اللبنانية و الحكومة السورية في هذا الملف اذا ان مواجهة تلك المجموعات بنجاح تتطلب تعاون الدولتين مباشرة و عليه فان مسؤولية هذا الامر تتحملها الحكومة اللبنانية اذا استمرت في خلط اوراق السياسةالاقليمية مع اوراق حفظ الامن في البلاد.
حل ملف المخطوفين يعني ان جبهة النصرة فقدت ورقة قوتها في لبنان و لا يبدو ان هذه الجماعة او ما يعادلها في لبنان مستعدة للتخلي عنها قريبا في لبنان و من دون ضمان او فك للغز مصيرهم المجهول في الجرود و بالتالي فانه بيدون عملية امنية حاسمة للجيش اللبناني فان ملف المخطوفين قد يزداد تعقيدا .
الرهان على فصل الشتاء البارد الذي يعتبره العسكريين فرصة مهمة للضغط على مواقف المسلحين ليس قادرا وحده على حسم المشهد و بالتالي فان كمين راس بعلبك ليس الاخير طالما ان الارهابيين في حصار و ازمة وجود و بالتاكيد انه و في كل مرة يستهدف فيها الجيش اللبناني يستخدمها الارهابيين كرسالة للمراوغة و شراء لمزيد من الوقت لبقائهم.
2014-12-03 | عدد القراءات 1947