هيل : نواف سلام والفاخوري والبلوك9 ...والعقدة بري نقاط على الحروف ناصر قنديل
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
مع وصول المبعوث الأميركي معاون وزير الخارجية والسفير السابق في بيروت ديفيد هيل يوم الجمعة ، تسبقه ثلاثة طلبات أميركية معلنة أو موحى بها ، الطلب الأول المتصل بتسمية مرشح لرئاسة الحكومة ، بدا بوضوح أنه ليس الرئيس سعد الحريري من كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يبدو أنه يعبر بدقة أكبر من الحريري عن التقاطع في الموقفين الأميركي والسعودي ، وقول جعجع ملفت "ليس هناك في الخارج من يقول لا يمكن للبلد أن يصطلح أمره من دون حكومة برئاسة الحريري كما أن ليس هناك من يقول العكس أيضاً" والكلام الإضافي لجعجع يأتي ترويجا لإسم السفير السابق نواف سلام ، الذي تبناه النائب ميشال معوض ومثله فعل حزب الكتائب ، بعدما كان الرئيس سعد الحريري أول من طرحه في التداول وقام بسحبه سريعا ، ما يجعل التساؤل عن مصدر التسمية مشروعا ، خصوصا أن سلام ليس إقتصاديا ولا خبيرا ماليا ، وهو سياسي له مواقف تشكل سببا للإنقسام حولها ، وكان واضحا أن الرئيس سعد الحريري يسعى لتأجيل الإستشارات إلى الإثنين المقبل لأن زيارة ديفيد هيل ستتم يوم الجمعة ، وتوجيهات هيل سبقته بإعتماد إسم نواف سلام الخميس ، وهو ما كان يأمل الحريري بتغييره عبر لقاء هيل قبل الإستشارات ، ويسعى لذلك عبر الإتصالات المتاحة قبل الخميس ، خصوصا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أول من رفض التسمية عندما عرضها الحريري بإعتبار التسمية بحثا عن مشكلة وليست سعيا لحل .
الطلب الثاني الذي يحمله هيل ويسبق وصوله يتعلق بمصير العميل "الإسرائيلي" عامر فاخوري المعروف بجزار سجن الخيام ، فعندما يغرد النائب السابق وليد جنبلاط عن هندسة تتم لنزع الجنسية اللبنانية عن فاخوري وتصويرها عقوبة على عمالته ، بينما هي تمهيد لترحيله إلى أميركا التي يحمل جنسيتها ، لا يمكن وصف الأمر بالتكهن والتحليل ، فجنبلاط يتحدث بمعلومات وليس بتكهنات ، وإذا اضفنا لكلام حنبلاط المعلومات الأكيدة عن وجود خلية عمل في السفارة الأميركية تهتم وتتابع التفاصيل الشخصية والقانونية لفاخوري ، وقامت بترتيب ملف طبي ملفق عن إصابته بنوع من أمراض السرطان التي تستدعي علاجه في أميركا ، والمعلومات التي يؤكد الأسرى المحررون تحققهم من صحتها عن إقامة فاخوري بين فندق الحبتور ومستشفى أوتيل ديو ، يجب التنبه لمهمة هيل بما يخص العميل فاخوري ، خصوصا أن بعض ما تشيعه أوساط قريبة من السفارة الأميركية يقول أن المشكلة تمكن في موقف رئيس مجلس النواب الرافض لكل تسوية لملف الفاخوري ، وأنه بتخلي بري عن رفضه تهون المسألة لأن رفض حزب الله وحده لا يكفي ، علما أن القضية ببعدها الوطني تستدعي موقفا معلنا من كل القوى السياسية والمواقع الدستورية ، فهي ليست قضية طائفية ولا قضية حزب أو تيار أو حركة .
القضية الثالثة التي يحملها هيل تتصل بالبلوك رقم 9 الذي يشكل قضية القضايا في ترسيم الحدود البحرية للبنان ، والذي تقوم ورقة المبعوث الأميركي ديفيد ساترفيلد على مطالبة لبنان بالتخلي عن أغلب حقوقه في البلوك 9 تلبية للمصالح افسرائيلية ، وقد دعا كل من الدبلوماسيان الأميركيان جيفري فيلتمان وديفيد شنكر بعد إنطلاق الحراك الشعبي إلى ربط اي دعم لمساعي تقديم الدعم للبنان بوجود حكومة توقع على ورقة ساترفيلد ، والمعلوم أن الرئيس سعد الحريري بعد لقائه بوزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو قبل شهور عاد بطلب وضع يده على ملف التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية ، بدلا من توليه من قبل الرئيس بري الذي يزعج بيقائه ممسكا بالملف ، الحسابات الأميركية ، وللتذكير فقط فإن الثروات التي يطلب من لبنان التخلي عنها تقدر ب74 مليار دولار بينما المبالغ التي يعد الأميركيون بتسهيل تدفقها على لبنان هي قروض ب4 مليارات دولار من البنك الدولي ، ولأن الأميركيين قرروا إيفاد هيل ، فذلك يعني أنه بعد الزيارة سيكون تصعيد اميركي إذا لم يحصل هيل على ما جاء يطلبه ، والتصعيد مالي وربما أمني عبر خطة الفوضى التي بدأت معالمها .
الإستنتاج الطبيعي هو أن الحملة المفتعلة والمبرمجة على الرئيس نبيه بري لا دخل لها بنظرية "كلن يعني كلن" بل هي أمر عمليات أميركي تمهيدا لزيارة هيل ، والرسالة وصلت ، وسيسمع هيل ما لا يرضيه ، والعتب على الرئيس الحريري الذي يستعمل شارعه لإيصال رسائل الشتائم والكراهية بحق منوقف معه في كل المحن التي عاشها رغم عدم مبادلته الحسنة بالحسنة ، فعلى الأقل حجب الإساءة تلقى من شرفة داره .