هيل مستعجل : أنبوب الغاز الإسرائيلي إلى اوروبا 2020
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- تبقى الاسباب الداخلية لما يشهده لبنان من حراك شعبي مرتبطة بالغضب على النظام الفاسد والطائفي وحجم الفشل في تحقيق الحد الدنى من ضرورات العيش الكريم للمواطنين ، وبلوغ هذا الثنائي من الفشل والفساد حدا يهدد حياة الناس وإستقرار معيشتهم ، لكن لأنه لبنان فالفصل مستحيل بين مكانة لبنان الإستراتيجية في السياسات الأميركية كما وصفها جيفري فيلتمان وديفيد شينكر ، ويأتي لتأكيدها ديفيد هيل ، وبين حدث كبير بحجم الإنتفاضة الشعبية التي لاتقودها قوى واضحة ، والتي تفجرت ردا على قرار مشبوه صدر عن وزير لا حاجة للتذكير بموقعه السياسي غير البعيد عن الإيحاءات الخارجية ، وفي قلب الفراغ السياسي الذي يبدو على الإنتفاضة ، يتقدم ناشطون وتتقدم جمعيات لا ينكرون جميعا تمجيدهم للنموذج الغربي وخصوصا الأميركي وربطهم لأي خطة إنقاذ بما يسمونه رضا المجتمع الدولي ، ويقصدون الغرب طبعا .
- لا يغيب ملف النفط والغاز اللبناني عن العين الأميركية ، في كل حديث أو تعليق أميركي على الإنتفاضة والتضامن مع شعبها ، والحرص على أمنها وتحية الجيش اللبناني على حفظه ، لكن الحصيلة هي بكلام أميركي واضح يتصل بثنائية هي حكومة وترسيم الحدود البحرية ، أو بالأحرى حكومة قادرة على ترسيم الحدود البحرية ، والقدرة هنا هي على توقيع مشروع ديفيد سارتفيلد الذي رفضه لبنان ، وما تريده واشنطن من ملف النفط والغاز أمر جوهري يتصل بمستقبل الصراع حول لبنان ، الذي يختزن مقاومة قادرة تهدد أمن "إسرائيل" ولا تريد واشنطن أن تفقد قدرتها على الضغط المالي عليه للجم قدرات المقاومة ، والنفط والغاز والعلاقة بروسيا والصين مربع واضح لإسقاط ورقة القدرة الأميركية على الضغط ، ولأنه يستحيل منع لبنان من الإستثمار في إستخراج ثرواته من النفط والغاز ، فتوجه الأميركي للضغط لمنع حصول لبنان على ثورات سريعة وطائلة تقول التقارير أنها مختزنة في البلوكات الحدودية الجنوبية وخصوصا البلوك رقم 9 .
- تقول التقارير المتداولة في سوق النفط والغاز والشركات العالمية الكبرى أن ما قاله رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو عن إفتتاح أنبوب الغاز الذي تطمح تل أبيب بضخ الغاز عبره إلى أوروبا بكلفة 7 مليار دولار ، لمنافسة الغاز الروسي بعدما فشل الغاز الصخري الأميركي في تحقيق هذه المنافسة ، يحظى بإهتمام أميركي خاص ترجمته زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في الربيع لرعاية الشراكة الإسرائيلية القبرصية اليونانية الإيطالية في مشروع الغاز ، لإطلاق المشروع مطلع العام 2020 عمليا ، والعقدة تتمثل بأن الأنبوب يحتاج ترسيما للحدود يضمن أجزاء من البلوك 9 ضمن الحصة الاسرائيلية ، أو سماحا لبنانيا بمرور الأنبوب في مياهه أو شراكة لبنانية في مشروع الأنبوب ، ولأن الخيارين الأخيرين مستحيلين ، صار التركيز الأميركي على الخيار الأول بمعزل عما تقوله الخرائط الأممية التي توثق حق لبنان الكامل بالبلوك 9 ، ويصل ديفيد هيل إلى بيروت ليقول للمسؤولين اللبنانيين ، أن لا وقت للإنتظار في قضية ترسيم الحدود البحرية وان العناد اللبناني سينتج غضبا أميركيا يترجم بعدم المساهمة في الحلول التي يريدها لبنان ماليا ، وهذا سيعني منع الاخرين من المساهمة .
- الخيار اللبناني بين نوعين من رؤساء الحكومات ، رئيس يرتاح له الأميركيون ويضمنون توقيعه لمشروع ساترفيلد ، ويفرج له الأميركيون عن بعض المليارات من الدولارات ، مقابل حصول إسرائيل على مخزون قيمته تفوق 74 مليار دولار من حقوق لبنان ، أو رئيس حكومة قادر على حماية ثروة لبنان السيادية في النفط والغاز ، ولو إضطر لخوض غمار خطة إنقاذ لا تعتمد على التمويل الأميركي ، يقدم لنا الأميركيون إسما مقترحا لرئاسة الحكومة يعرفون أنه خلال مفاوضات الأورقة الأممية حول تقارير مراقبة تطبيق القرار 1701 كان مصدر إرتياح أميركي إسرائيلي ، فهل هذا يحقق مصلحة الإنتفاضة التي خرجت تحمل صوت الشعب بالدفاع عن ثروات لبنان المنهوبة ؟
2019-12-18 | عدد القراءات 3625