على هامش مشاورات تشكيل الحكومة نقاط على الحروف ناصر قنديل
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
هناك حقيتان مبدئيتان لا بد من تثبيتهما قبل أي نقاش سياسي يتصل بمشاروات تشكيل الحكومة الجديدة ، الأولى هي أن التحريض ضد العمل الحزبي بوصفه جريمة يجب أن يعاقب مرتكبوها بإبعادهم عن المسؤولية الحكومية ، هو هرطقة سياسية تعني تكريس المرجعية الطائفية للعمل السياسي ، لأن اي حياة سياسية مدنية في كل بلاد العالم تبدأ من انخراط الناس في الأحزاب وفقا لبرامج عمل تحملها وتتعهد بالعمل لتحقيق أهدافها ، وتحدد الإنتخابات النيابية الصعود والهبوط في شعبية الأحزاب ، وفقا لثقة وعدم ثقة الناس بصدقيتها أو قبولها وعدم قبولها لأفكارها وبرامجها ، أما الحديث عن حياة سياسية بلا أحزاب فلا يعني الفراغ ، إنه يعني فقط إستبدال الخيار المدني للحياة السياسية الذي تمثله الأحزاب ، بما في ذلك الأحزاب ذات اللون الطائفي ، بخيار العودة لصيغة زعامات عائلية ومرجعيات دينية أو زعامات إقطاعية أو شخصيات فردية تدفع بها إلى الواجهة قدرات مالية او دعم إستخباري داخلي أو خارجي ، وهذه أبشع اشكال الحياة السياسية التي يمكن دعوة مجتمع لإعتمادها .
الحقيقة الثانية هي أن الحديث عن التكنوقراط لا سياسيين كمعيار لدخول الحكومة هو خلط بين منصب الوزير ومنصب المدير العام فالوزير وفقا للدستور هو شريك في المسؤولية عن ممارسة السلطة التنفيذية التي تتولاها الحكومة مجتمعة ، واغلب مضامين قراراتها وملفاتها سياسي ، ويتخطى إختصاص كل تقني في مجاله ، فوزير البيئة كما وزير الصحة معنيان بمناقشة قرارات سياسية تخص وزارة الخارجية وقانون إنتخاب تقدمه وزارة الداخلية ، والميعار للمناقشة ليس بيئيا ولا صحيا ، بل سياسي صرف ، وفي وزارتيهما أيضا هناك بين التكنوقراط مدارس تفصل بينها السياسة ، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب في رفضه الإلتزام بإتفاقية المناخ التي صاغها تكنوقراط يعتمد على نظريات تكنوقراط يقولون أن كلفة الإتفاقية على الإقتصاد أكبر من كلفة معالجة الأخطار الجانبية لعدم تطبيقها ، وفي رفضه لنظام الرعاية الصحية المسى أوباماكير التي صاغها تكنوقراط محترفون يعتمد ترامب أيضا على تكنوقراط مقابلين يرون بخصخصة قطاعي الصحة والتأمين وتخفيض الضرائب منهجا لرعاية أكثر جدوى ، وبالتالي الوزراء المطلوبين يجب أن يكونوا أصحاب رؤية تتخطى حدود كونهم تكنوقراط ، لحساب منهج سياسي يحكم مقارباتهم بين المدارس المختلفة .