لبنان في قلب حرب الغاز نقاط على الحروف ناصر قنديل

  • وسط الضجيج والدخان والغبار وقع رئيس حكومة الإحتلال بينيامين نتنياهو أمس مع قبرص واليونان إتفاقية أنبوب نقل الغاز المشترك نحو أوروبا ، وهو المشروع الذي أعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في آذار الماضي دعم واشنطن لتسريع إنشائه  لمنافسة الغاز الروسي الاتي عبر الخط المشترك مع تركيا نحو أوروبا الجنوبية والذي بدأ تشغيله ، بينما يطمح الأنبوب الإسرائيلي الممول بسبعة مليارات يورو لضم مصر وتشكيل تحالف جنوب المتوسط بوجه تحالف الشمال الذي يتشكل من روسيا وتركيا حتى الآن ، والتقارير العلمية الخاصة بأحواض الغاز في المتوسط تشكك بنجاح مشاريع التنقيب في المياه الفلسطينية الإقليمية خارج قطاع غزة في إستخراج كميات تجارية من الغاز ، ما جعل المحللين يربطون المشروع الإسرائيلي بفرضيتين ، الأولى إستدراج شراكة فلسطينية ومصرية بالأنبوب للحصول على كميات الغاز الكافية لجعل الأنبوب تجاريا ، والثانية النجاح بوضع اليد على البلوك رقم 9 الذي تعود ملكيته لبنان ويحتوي إحتياطات ضخمة من الغاز .
  • الموقف المصري والفلسطيني حاسم في تقرير خريطة الغاز في البحر المتوسط ، خصوصا بعدما تحول لبنان ومثله تحولت سورية إلى لاعبين رئيسيين في سوق الغاز ، والخيارات المطروحة ليست واسعة ، خصوصا بعدما وقعت تركيا مع ليبيا إتفاقية ترسيم حدود بحرية ومعها خطة تدخل عسكري ، تجعل الموقف الروسي بيضة القبان في توازنات المنطقة ، فروسيا التي تتشارك مع تركيا في أنبوب الغاز نحو أوروبا تنظر بعين الترقب لمواقف مصر وفلسطين ولبنان ، حيث قررت واشنطن علنا تبني الخط الإسرائيلي ولم تبق للبنان ومصر وفلسطين سوى تلبية الشروط الإسرائيلية ، وحيث يمكن لموسكو أن تكون عرابا لنقل الغاز المصري والفلسطيني واللبناني والسوري إذا نشأ تحالف عربي لنقل الغاز بالتعاون مع موسكو ، وعندها يتحكم توزان المصالح بموقف روسيا من الصراع العربي التركي ، أما إذا بقي الرهان المصري على تعطيل الحركة التركية نحو ليبيا بالإستثمار على المعارضة اليونانية القبرصية لترسيم الحدود البحرية ، وهما شريكان في الأنبوب الإسرائيلي ، فهذا يعني التمهيد لإنضمام مصر ولاحقا فلطسين إلى التحالف الذي تقوده تل ابيب ، وتمكين تركيا من الحصول على الغطاء الروسي لحركتها نحو ليبيا .
  • لبنان الداخل حديثا على لعبة الكيار لا يملك ترف الإنتظار ، فهو حكما لا يستطيع التفكير بالإنضمام إلى الأنبوب الإسرائيلي ، على الأقل ما دام متمسكا بحقوقه في البلوك 9 ، وما دامت إسرائيل عدوا ، وهذا يعني فتح النقاش الوطني حول الخيارات الفعلية المتاحة أمام لبنان سوى التنسيق مع سورية والمبادرة لدعوة مصر وفلسطين وسورية إلى لقاء على أعلى المستويات ، يبدأ تقنيا وينتهي رئاسيا ، لرسم غستراتيجية موحدة في قطاع الغاز يحقق مصالح الجميع ، وهي بلا تردد مع موسكو بعدما حسمت واشنطن خيارها الإسرائيلي .
  • إذا تاخرت مصر ، كما هي العادة بسبب التردد السياسي أمام معادلة العلاقة بواشنطن وتل ابيب وتعقيد العلاقة بتركيا ، وجب على لبنان على الأقل التوجه مع سورية نحو موسكو لطلب الإنضمام إلى الأنبوب الروسي ، بصورة توازن العلاقة الروسية التركية ، وربما تجذب مصر وفلسطين لاحقا ، لكنها ربما تخرج إسرائيل من سوق الغاز في ظل التأكيدات على لاجدوى المشروع الإسرائيلي ، الذي يهدف لخلق ديناميكية إستقطاب تجعله مجديا ، و يملك لبنان كما تملك مصر مفاتيح تعطيلها ، ولذلك يقع كل منهما تحت هذا الضغط الكبير .

2020-01-03 | عدد القراءات 18613