بوتين والأسد نموذج للتحالف في لحظة تاريخية فاصلة نقاط على الحروف ناصر قنديل

بوتين والأسد نموذج للتحالف في لحظة تاريخية فاصلة

 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

 

  • بنت روسيا علاقتها بسورية منذ زمن بعيد على احترام البعد السيادي للدولة الوطنية السورية ، وهو ما يحاول الكثيرون من جماعة واشنطن التي لا تفعل سوى اذلال حلفائها واهانتهم وانتهاك سيادة بلدانهم ، الحاق صور مشوهة به عبر الشيطنة التي تلقاها السياسة الروسية عند كل منعطف فيطالها التشكيك وترسم الأسئلة حول نواياها ، ويجري تظهيرها كمن يساوم على ظهر سورية أو يفاوض على وحدتها أو يتنازل عن بعض من سيادتها لسواها ،  وقد حدث هذا مرارا في كل مرحلة من مراحل الحرب على سورية ، ليتبين بعد وقت أن الخيارات السورية هي التي فازت ، منذ معركة حلب وما تعنيه في ميزان العلاقات الروسية التركية ، ومعركة الجنوب السوري وما تمثله في ميزان العلاقات الروسية الأميركية والروسية الإسرائيلية ، وصولا لمعركة إدلب وإنتصار الخيار السوري بالذهاب للحسم العسكري بوجه الجماعات افرهابية رغم التحفظات التركية ، وقبلها بالسير بالخيار السوري في الإنتشار العسكري على الحدود الشمالية بوجه الغزو التركي وبمعزل عن المساومة مع الجماعات الكردية المسلحة ، رغم حيوية علاقة موسكو بالفريقين ، ومثلها في المسارات السياسية فقد تبنت موسكو وجهة نظر سورية فيما خص اللجنة الدستورية وقوامها ومهامها ، وخاب ظن كل المشككين .
  • عندما تكون العلاقة القائمة بين الدولتين الروسية والسورية مؤسسة على أولوية البعد السيادي ، يصير الرؤساء أصدقاء وحلفاء وشركاء ، ولا تقف بينهما حدود شكلية وتفاصيل بروتوكولية ، لكن هذه التفاصيل لها معان أخرى عندما ترد في مفردات التعامل الأميركي مع من يسميهم بحلفائه ، طالما هو يخاطبهم بلغة الإمرة كأتباع عليهم الدفع لقاء الحماية ، كما يفعل في الخليج ، أو عندما ينتهك سيادة بلدهم ويقتل قادتهم وضيوفهم ويقصف قواتهم كما فعل الأميركي في العراق ، ومن الطبيعي أن يتحدث كل أتباع واشنطن بلغة غيظ تجاه النموذج الذي تقدمه العلاقة الروسية السورية للتحالفات ، ومثلها العلاقات السورية الإيرانية ، التي عرفت الكثير من حملات التشكيك والإساءة ، ومثلها مثل العلاقة الروسية الروسية أثبتت مناعتها وتمثيلها نموذجا يعتد به للتحالفات المؤسسة على إحترام السيادة ، فقاتل الإيرانيون وإستشهد مئات منهم وآلاف من قوى المقاومة التي قاتلت تحت رعايتهم من أجل أن ينتصر في سورية مشروع الدولة الوطنية لا مشروع التقسيم ولا الفوضى ولا التقاسم رغم كل الترويج للعكس .
  • العلاقة الروسية الإيرانية هي الاخرى بقيت ولا تزال عرضة لمحاولات النيل منها ، وتقديمها كعلاقة تنافس تحت الطاولة تشحذ فيها الخناجر للغدر ، وشكل إغتيال القائد قاسم سليماني على أيدي الأميركيين بعد مغادرته مطار دمشق مناسبة مشابهة لإغتيال القائد المقاوم عماد مغنية في سورية لترويج شائعات عن إلتباسات في موقف روسيا او سورية ، لا وجود لها إلا في العقول المريضة لأصحابها ، فيما العلاقة الروسية الإيرانية السورية تقدم مثلثا نموذجيا لحلفاء يدرك كل منهم أن الإنتصارات المحققة بواسطة التحالف هي رصيد مشترك لم نيته مسار تعظيمه وصولا لتقاسم عائداته ، وان كل إهتزاز في صدقية التحالف دمار شامل لكل أطرافه ، وروسيا التي يقدمها الحلفاء كبديل دولي للدور الأميركي تتقدم في كل محطة لتظهر على الساحة برضا حلفائها ، لتقول أنها تحظى بالرضا الإقليمي وبعلاقات ثقة مع أطراف الصراع الذين تواجههم واشنطن ، وهي جاهزة عندما يصل الأميركي للتفكير بالمغادرة ان تكون بديلا يحظى بالتوافق الدولي والإقليمي ، ويحفظ المصالح المشروعة للجميع كما يصوغها القانون الدولي .
  • في سورية قد يكون العرض الروسي بتسلم القواعد الأميركية غير موجود بعد على طاولة الرئيس الأميركي لكن زيارة الرئيس الروسي الميلادية لسورية توفر فرصة القراءة ، أما بعد بدء إطلاق النار فسيكون على واشنطن أن تقدم هي طلبا بذلك لأن العرض سيكون قد سحب ، أما في العراق فالعرض غير موجود ، لكن على واشنطن البحث عن فرضيات وخيارات لمأزقها قبل بدء إطلاق النار ، لأنه بعد ذلك سيكون الوضع مرتبطا بمسار المواجهة .

2020-01-08 | عدد القراءات 17350