حشود مليونية وفقدان سيطرة على التدافع لملامسة النعش ترافق تشييع سليماني ...واليوم يوم آخر
بوتين والأسد يشهدان ل"سلام الشام" ...وترامب ينتظر الحريق الذي وعد به الخامنئي
الحكومة أمام عقدتي الخارجية والدفاع ... وباسيل : أول من يسهل التشكيل ...لكن الأهم النجاح
كتب المحرر السياسي
طغت على كل شيئ مشاهد المسيرات المليونية التي غطت شوارع مدن الأهواز ومشهد وطهران وكان ختامها المأساوي في كرمان بالتدافع الحماسي لملامسة نعش قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني حيث سقط العشرات قتلى والمئات جرحى وتعذر اجراء مراسم الدفن اكثر من مرة حتى ساعات الليل المتقدمة ، وتوقفت الجهات الدبلوماسية والإعلامية والأمنية أمام قراءة هذا المشهد كتعبير معاكس لكل ما وعد به الأميركيون أنفسهم ووعدوا به العالم لجهة تفكك النظام في إيران وتراجع شعبيته وتخلي الشعب الإيراني عن خياراته بالمواجهة ، ليأتي الطوفان الشعبي الذي شهدته إيران حاسما لجهة إظهار حجم الإلتفاف الشعبي على ما هو أكثر من نظام حكم وقيادة دينية ، بل حول خيار املواجهة بذاته ، حيث الملايين تعلن عهودها لسليماني بالثأر والإنتقام والسير على خطاه في مواجهة المشروع الأميركي وصولا للسير في خط المقاومة حتى سقوط كيان الإحتلال والدخول إلى القدس .
الرئيس الأميركي وفريقه المرتبك بالتعامل مع مرحلة ما بعد إغتيال سليماني ورئيس أركان الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس حاول الفصل بين المعضلتين الإيرانية والعراقية ، فجاءت رسالة الإنسحاب وسحبها لتقدم مثالا على الإرتباك الأميركي مقابل وضوح وحزم وحسم على الضفة العراقية يشبه ما هو قائم على الضفة الإيرانية ، فالرهان الأميركي لم يكن على تحييد كتل بلون طائفي أو عرقي معين في العراق من المواجهة ، بل تعطيل المواجهة من داخل البيت الشيعي الذي ظن الأميركيون أن ليدهم القدرة على التلاعب بمكوناته خلال الشهور الماضية ، فجاء الإغتيال ليقول للأميركيين ان كل ما بنوه كان على قصورا على رمال ، فخرجت مرجعية النجف بموقف يحاكي مرجعية قم ، وخرج تكتل السيد مقتدى الصدر في مجلس النواب العراقي بموقف ثلاقي موقف كتلة الحشد الشعبي ، وظهر الأميركيون أعجز من القدرة التي توهموا إمتلاكها ، وتوحدت صوفوف وساحات بوجههم لطالما بنوا خططهم على النجاح بتفكيكها .
في دمشق كان الحدث الذي إنتقلت إليه الأضواء ، في مقاربة وقراءة ما يجري في المنطقة وليس بعيدا عن ساحتي الإشتباك الإيرانية والعراقية ، حيث طهران تستعد ليوم ما بعد التشييع لبدء العد التنازلي للرد الموعود ، وحيث بغداد تستعد فيها قوى المقاومة لترجمة القرارين النيابي والحكومي بعد مهلة معقولة قالت قوى المقاومة أنها تمنحها للإتصالات الدبلوماسية للحكومة العراقية بدول التحالف الذي تقوده واشنطن لضمان إلتزام سلمي بالإنسحاب ، ففي دمشق قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد بإتسعراض مشاهد وعلامات السلام والأمن والفرح التي تزهو بها دمشق ، في عيد الميلاد ومطلع العام الجديد وتنقلا بين أحياء العاصمة وفي كنائسها والمسجد الأموي ، في تعبير أعلى من السياسة لقوة نموذج سورية الجديدة ، كنتاج يفتخر به الحليفان ومعهما الحليف الإيراني ، يقدمونه للعالم بالتوازي مع النموذج الذي قدمته واشنطن ، سواء في الحرب على داعش ، أو ما تقدمه اليوم في تحويل التفويض الذي حازته من الحكومة العراقية لتحول العراق إلى ساحة للإرهاب ، والقتل وتنتهك سيادة الدولة المضيفة وتقتل قادتها وضيوفها وتستهدف قواعد قواتها النظامية على الحدود ، ولعل في مشهد الرئيس بوتين في دمشق رسالة تقول أن بمستطاع العالم أن يجد في السلوك الروسي وقبول شعوب المنطقة وحكوماتها به ، بديلا للحريق الذي أشعله الأميركي وتلاحقه شعوب المنطقة وحكوماتها وقواها المقاومة متوعدة بحريق أشد إشتعالا .
في هذا الإقليم المشتعل ، والمفتوح على الإحتمالات يتابع المسؤولون اللبنانيون محاولاتهم لإستيلاد الحكومة الجديدة ، وجاء اللقاء الرئاسي لرئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف حسان دياب ، تعبيرا عن هذه المحاولات لتذليل العقد التي تعترض ولادة الحكومة ، والتي قالت مصادر متابعة أن أبرزها عقدتي وزارتي الخارجية والدفاع ، خصوصا بعد المتغيرات التي شهدتها وتشهدها المنطقة ، والمواصفات التي يجب توافرها في من يتولى أي من هاتين الحقيبتين ، فما كان مقبولا على هذا الصعيد قبل المتغيرات لم يعد مناسبا بعدها ، وقالت المصادر أن توحيد الرؤى والمواصفات جار والمحولات لتخطي الأزمة قائمة ، وستظهر نتائج المساعي خلال الأيام المقبلة ، آملة أن يخرج بحصيلتها الدخان الأبيض ، بينما قالت مصادر سياسية واسعة الإطلاع أن عدم النجاح في حلحلة العقد يعيد النقاش إلى توصيف الحكومة ، بين تكنوقراط وتكنوسياسية وحكومة سياسية بدأ الحديث عن الحاجة إليها يتسع في الأوساط المعنية .
من جهته وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل المعني الرئيسي بالإتهامات الخاصة بعقد التشكيل تحدث في حوار تلفزيوني على قناة الجديد فقال " الحكومة يؤلّفها رئيس الحكومة بالتشاور والإتفاق مع رئيس الجمهورية ونحن كباقي الكتل النيابي نعطي رأينا ولا نتدخّل ونحن بوضع اسثنائي، ومعيارنا الوحيد هو امكانية نجاح الحكومة في اخراجنا من الوضع الحالي وليس صحيحا ان هناك عقدة بوزارة الخارجية ونحن منفتحون على كافة الخيارات ولا أقبل ان يتم تصنيف الناس وان يتم استهدافي ومنعي من اعطاء رأيي في حين ان الجميع يعطون رأيهم في تشكيل الحكومة".
واكد باسيل أن "الحكومة حجر أساس لكن الاصعب والاساس هو ماذا ستفعل هذه الحكومة لانتشالنا من الواقع الاقتصادي ولا احد يسهل تشكيل الحكومة مثلما افعل لدرجة الغاء الذات والاستعداد لعدم المشاركة وما يُطرح عن تمسكي بوزارة الطاقة ورفض دميانوس قطار في الخارجية غير صحيح وسيظهر ذلك لاحقا"، معتبراً أنه "لن يكون هناك وزيرة كندى بستاني في وزارة الطاقة والوزارة ستخسرها والبلد سيخسرها بسبب رفض توزير حزبيين ووزراء سابقين".
وأفاد بـ"أننا نريد ان يتم تأليف الحكومة بالسرعة اللازمة لكن لن نكون جزءا من الفشل، عنوان المرحلة القادمة هو كيفية تأمين سياسات نقدية تصحيحية وتغيير السياسة المالية لأنها لن توصلنا إلا إلى تدهور أكبر"، مشيراً إلى أن "فيليب زيادة لبنان يجب الافتخار به لأنه من الناجحين ويساعد اللبنانيين لكنني لم أطرح اسمه للتوزير بل طرح عليّ من قبل الرئيس المكلف وقلت له انتبه سيعتبرون انه مقرّب مني".
2020-01-08 | عدد القراءات 2033