كتب المحرر السياسي
في سابقة ترسم آفاقا جديدة وتمنح مؤشرات ذات مغزى ، شارك سفير سورية في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفيري ، في إحتفال البعثة السعودية بمناسبة تولي الرياض رئاسة مجموعة العشرين ، بعدما تلقى دعوة خاصة من رئيس البعثة السعودية في نيويورك ، عبدالله بن يحيى المعلمي للمشاركة في الحفل المقام على شرف وزير الدولة السعودي فهد بن عبدالله المبارك ، ولقي الجعفري حفاوة خاصة من البعثة السعودية والوزير المبارك ، وإشارة لافتة في كلمة المعلمي ، وأثار حضوره إهتمام الدبلوماسيين المشاركين ، ومن بينهم سفراء دول الغرب والعرب ، وتوقفت المصادر الدبلوماسية امام الخطوة السعودية الأولى من نوعها منذ ما يقارب التسع سنوات ، ومعنى التلبية السورية ، وما تؤسسه الخطوة من كسر رسمي للجليد بين الحكومتين السعودية والسورية ، وما يمكن أن يعقبها من تسهيل التواصل عبر فناة نيويورك ، خصوصا أن هناك كلام خليجي متزايد عن الخطأ الذي إرتكب بالإنعزال عن سورية ، وتصريحات لمسؤولين خليجيين عن توسع نطاق الدور التركي بفعل الغياب العربي ، في ظل إعتراف بالتسرع والوقوع في الأوهام بمناصبة الدولة السورية العداء ، ومحاولة لنقل الرسائل الإيجابية تجاه الرئيس السوري بشار الأسد .
الخطوة التي تبشر بمناخ إقليمي جديد ، فرضته الإنتصارات السورية السياسية والعسكرية ، غير معزولة عن توسع القناعات في المنطقة بحتمية الخروج الأميركي ، والحاجة لإعادة ترتيب العلاقات بين دول المنطقة وخصوصا بين سورية وإيران ، والدور الذي تستطيع سورية لعبه على هذا الصعيد ، فيما تبدو الشهور القادمة محكومة بعنوان المواجهة التي إفتتحها محور المقاومة في العراق تحت شعار إخراج القوات الأميركية من المنطقة ، شهورا ساخنة ، لكنها محكومة بسقف زمني تحده الإنتخابات الرئاسية الأميركية في مطلع الخريف المقبل ، سيفرض بلوغ المواجهة سقوفا للتفاوض المرجح أو للإنفجار المستبعد ، ما يجعل الخطوط المفتوحة بين دول الخليج وسورية ، وما يمكن أن ينعكس على لبنان منها ، تمهيدا لتهدئة قادمة .
بخلفية تجاوز مخاطر الشهور الساخنة وملاقاة التهدئة التي ستليها ، ولدت حكومة الرئيس حسان دياب مساء أمس ، محملة بأثقال الإنقسام السياسي حولها بين فريقي 8 و14 آذار ، وإنقسام الشارع بين دعوات لمنح فرصة للحكومة الجديدة ، ومواجهات شهدتها غالبية المنطق بين تظاهرات إحتجاجية ترجم أغلبها بقطع الطرقات ، والقوى الأمنية يدعمها الجيش اللبناني في الكثير من المناطق ، وبقيت ساحة النجمة أشد ساحات المواجهة سخونة .
الحكومة المكونة من عشرين وزيرا جديدا بإستثناء الويزر السابق دميانوس قطار ، جاءت مبتورة بتمثيل قوى الثامن من آذار بعد قرار الحزب السوري القومي الإجتماعي عدم المشاركة ، وفقا للبيان الذي أصدره الحزب بعد مشاورات شارك فيها بمبادرة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة حزب الله ، مبررا قراره بالإعتراض على اسلوب البعض في ادارة تشكيلها وهو اسلوب اتسم بالتشويش والعرقلة والإستئثار، مسجلا أن عدم الأخذ بتزكيته لاسم نقيبة المحامين السابقة أمل حداد التي سماها الرئيس المكلف للمشاركة في الحكومة، وهي التي تتمتع بصفات مهنية واخلاقية ووطنية، حيث فوجىء بوضع فيتو على هذا الاسم دون تقديم اي تبرير سوى العرقلة والتعطيل ، مقدرا الجهد الكبير الذي قام به الرئيس نبيه بري في سبيل تسريع عملية التشكيل واصراره على اشراك الجميع ليعطي الحكومة كل عوامل الزخم والنجاح ، شاكرا قيادة حزب الله على الجهد الاستثنائي الذي بذلته في هذا السياق، متمنيا لرئيس الحكومة النجاح في المهام الملقاة على عاتقه ومعالجة الأزمات التي تعصف بلبنان وتثقل كاهل اللبنانيين.
فيما كان رئيس الحكومة بعد الإعلان عن تشكيلته الحكومية قد أدلى ببيان من القصدر الجمهوري أكد فيه أن حكومته تلتزم تطلعات "الثورة – الإنتفاضة" متعهدا ببناء السلطة القضائية المستقلة ، وملاحقة الفاسدين وإستعادة المال المنهوب ، ووضع قانون إنتخاب يعزز الوحدة الوطنية ، واصفا حكومته بأنها إستثنائية لمواجهة ظرف إستثنائي ، متعهدا بالتصدي للأزمة الإقتصادية والمالية وتهتم بمعاناة اناس وتلاقي صرختهم .
في ردود الأفعال كان الملفت الموقف الذي صدر عن رئيس الحزب التقدمي الإشترامي النائب السابق وليد جنبلاط ، الذي إعتبر أن أي حكومة أفضل من الفراغ ، بصورة بدا فيها منفتحا على التعامل الإيجابي أو غير العدائي على الأقل مع الحكومة الجديدة .
2020-01-22 | عدد القراءات 166237