تستمر التداعيات السلبية الناجمة عن إنضمام مصر إلى منتدى شرق المتوسط للغاز الذي تقوده تل أبيب برعاية أميركية ، والقرار المصري الذي حسم إنضمام فلسطين والأردن إلى المنتدى منح كيان الإحتلال الجدوى الإقتصادية لمشروع أنبوب غاز إلى أوروبا ، ومنحه أيضا وضعا تفاوضيا أقوى بوجه لبنان حول الحدود البحرية لحقول الغاز ، عدا عن طابع الشراكة التطبيعي المستهجن من مصر والأردن وخصوصا من السلطة الفلسطينية
النتيجة الأولى التي ترتبت على القرار المصري هي أن روسيا صاحبة المشروع الضخم لنقل الغاز إلى أوروبا عبر تركيا والمسمى بالسيل الجنوبي والتي سبق ودعت مصر لإعتماد هذا الأنبوب لتصدير الغاز إلى أوروبا ، تعاملت مع إنضمام مصر إلى المشروع الإسرائيلي الأميركي مبررا كافيا لمنح تركيا الضوء الأخضر لتوقيع ترسيم حدود بحرية مع ليبيا يشكل عائقا أمام إتجاه الأنبوب الإسرائيلي نحو أوروبا وجاء إعتراض إسرائيل واليونان ومصر على الترسيم فوريا وبقوة هذا الإتفاق حجزت تركيا لنفسها دورا في ليبيا بتغطية روسيا ظهر في اجتماع موسكو بمبادرة روسية تركية لوقف النار
النتيجة التي لا تقل خطورة تظهر الآن بموقف جزائري ينطلق من تراجع حظوظ تصدير الغاز إذا تمكن منتدى تل أبيب والقاهرة من بلوغ الأسواق الأوروبية كما تجمع الدراسات الإقتصادية وحاجة الجزائر للتشبيك مع الأنبوب الروسي التركي لضمان مصالحها الحيوية وتأتي تركيا بزيارة رئيسها رجب أردوغان من هذه البوابة إلى الجزائر بعرض دور جزائري في رعاية الحل السايسي في ليبيا بعدما كان المنتظر أن تلقى الجزائر هذا العرض من مصر كشقيقة كبرى في الساحل الشاملي لأفريقيا تملك حدودا ومصالح وحسابات أمنية تجعلها المعني الأول بليبيا
تداعيات الحسابات المصرية الخاطئة تتسع عربيا وليست هذه النهاية فلبنان وسورية على ضفاف الغاز سيجدون بالإنضمام للأنبوب الروسي قدرا حتميا في ظل وجود مشروع وحيد آخر تقوده إسرائيل ولو كانت مصر والأردن وفلسطين أعضاء فيه وفي ظل الإدراك بأن المشروع الإسرائيلي الأميركي مصمم لمحاصرتهم ورغم ذلك ينضوي فيه من يفترض أنهم أشقاء عرب وغدا عندما تصل مواجهة مصر مع أثيوبيا في ملف سد النهضة مداها وتسعى لموقف عربي مساند سيتشتت العرب من حولها