يتخيل كثيرون أن زيارة دمشق بالنسبة لرئيس حكومة لبنان ، أي رئيس حكومة ، ستجعله مرفوضا على المستويين العربي والغربي ، والخطأ الأكبر بحق لبنان هو قياس المصالح الوطنية بإخضاعها لمعيار الإسترضاء ، بعكس مفهوم السيادة الذي يفرض السير بما يخدم لبنان وتوضيحه لمن يسيئ الفهم والدفاع عنه لمن يظن أنه صاحب حق بالفيتو على الحكومة اللبنانية
لبنان صاحب مصلحة في أن يذهب رئيس حكومته إلى دمشق ليس للأسباب المبدئية المنطلقة من روابط التاريخ والجغرافيا ، بل لأسباب تتصل بحاجات لبنانية ملحة ، أولها الترابط الأمني والترابط المالي والترابط الإقتصادي وفي قلبها قضية النازحين ومن خلالها موقع سورية كجسر للتواصل مع العراق والوصول إليه وهو حاجة لا تقل عن الحاجة لسورية في قياس المصالح الإقتصادية العليا للبنان
الخبرة والعبرة تقولان أن إمتناع رئيس الجحمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية عن زيارة سورية لم يقنع العرب والغرب بتقديم ما يلزم لإنعاش لبنان يوم كان الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة وكانت قوى 14 آذار التي تمثل هذا الغرب وهؤلاء العرب شريكا كاملا في الحكومة فلماذا سيفعلون اليوم ؟
على العكس سيكتشف الذين يروجون لإنتظار ضوء أخضر عربي غربي لزيارة دمشق ، أن ما سيجعل العرب والغرب يهتمون للبنان وحكومته هو الشعور بأنها حكومة سيادية لا حكومة محاور ، محكومة المحور هي التي تلتزم بعدم الذهاب إلى دمشق إلتزاما بقرار محورها لأنها تعلم أن مصلحة لبنان بالذهاب وتمتنع لإرضاء المحور ، بينما الحكومة التي تذهب إلى دمشق لأن مصلحة لبنان كذلك فستنتزع من العرب والغرب جدارة التعامل معها كحكومة تلتزم المصالح اللبنانية ومعايير السيادة اللبنانية ، وعندها سيقولون ، لا تتركوا هذه الحكومة تذهب بعيدا ، فالإبتعاد عنها وحجب المال عن صناديقها ، سيعنيان سلوكها طرقا بديلة قد تبدأ بسورية والعراق وتنتهي بالصين وروسيا ، كما قال جيفري فيلتمان .
عواصم العرب والغرب تفتح لرئيس الحكومة الذي يزور دمشق وليس العكس .