إيران محاطة بحكومتين لا تريد منهما شيئا نقاط على الحروف ناصر قنديل – طهران

  • لم يتم النظر في طهران لتزامن إستقالة الحكومتين اللبنانية والعراقية السابقتين بضغوط أميركية بصفته أمرا عابرا ، خصوصا بتزامن الضغوط مع محاولة توظيف الحراك الشعبي في البلدين ضد الفساد والفشل الحكومي بصفته تعبيرا عن حالة شعبية عارمة معادية إيران وقوى المقاومة في البلدين ، كما قالت التصريحات الأميركية وخصوصا كلام وزير الخارجية مايك بومبيو مرارا وتكرارا ، وخلافا للمتوقع فإن التصعيد الذي مثله إغتيال الأميركيين للقائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس ، لم يدفع بإيران وحلفائها في قوى المقاومة لتغيير المطلوب من موقع الحكومة في كل من البلدين ، خصوصا لجهة عدم تحميلهما أوزار مواقف تتصل بالصراع الذي تخوضه إيران وقوى المقاومة مع واشنطن ، فكان التقدير من اليوم الأول أن المطلوب في كل من البلدين حكومة تستطيع إدارة الشأن العام بتلبية الممكن من مطالب الناس ، وتجنبيب لبنان والعراق خطر الوقوع في الفوضى .
  • تبدو تسمية كل من الرئيسين حسان دياب في لبنان ومحمد توفيق علاوي في العراق محققة لهذا الغرض ، بعيدا عن التموضع المتوقع للحكومتين بحكم القوى الواقفة خلفهما في خندق سياسي إقليمي ودولي واضح ، وتبدو الإشادة الإيرانية العلنية برئيسي الحكومتين وإعلان الإستعداد لتقديم يد المساعدة لتخطي مشاكل البلدين موقفا معبرا عن أكثر من مجاملة دبلوماسية ، فالتقدير الإيراني الذي تشاركه الرأي قوى المقاومة خصوصا في لبنان والعراق ، يقوم على أن الأميركيين والخليجيين كانوا يتوقعون حكومات مواجهة في البلدين ، وينتظران ما ينتج عن ذلك من تأزم سياسي داخلي ومن أعذار للتبرؤ الدولي من مساعدتهما ، لكن المفاجأة جاءت بأن ما حدث يؤكد أن قوى المقاومة لا تحمل حكومات بلادها أعباء خياراتها وتستطيع أن تجد لهذه الخيارات الأدوات المناسبة من خارج الإطار الحكومي .
  • في لبنان تبدي المقاومة مرونة لم تعهد من قبل مع أي من الحكومات السابقة سواء في طريقة ومعايير تسمية الوزراء ، أو في نصوص البيان الوزاري ، ويقول المسؤولون في المقاومة كما في إيران ، أن المطلوب هو فقط حكومات لا تتآمر على المقاومة ، وتهتم بشؤون الناس في بلدها ، وتلتزم مصالحه السيادية ، وأن لدى المقاومة فائض قوة يكفي لجعل الحاجة للمبادرة في مواجهتها من معسكر الأعداء والخصوم ، ما يجعل العدوان عليها عدوانا على لبنان ، ستجد أي حكومة نفسها معنية بالوقوف في وجهه ، وهذا يكفي بالنسبة لموقف الحكومة اللبنانية ، فكيف إذا أضفنا ملفات النفط والغاز والنزاع مع واشنطن وتل أبيب حولها ، وفي العراق أوجد التفاهم مع السيد مقتدى الصدر فرصة الفصل بين موقع الحكومة وموقع المقاومة الشعبية والمسلحة لإخراج القوات الأميركية ، فيما وطنية رئيس الحكومة وموثوقيته لا تسبب القلق على الإطلاق للإيرانيين ، ولقوى المقاومة في العراق .
  • خسر الأميركيون والخليجيون الرهان على نقل لبنان والعراق نحو الفوضى ، ويبدو ميزان القوى الشعبي والسياسي مع تقدم الحكومتين تدريجيا نحو مهامهما لصالح مناخ عام محرج لمن يدعو لمقاطعة وحصار ومواجهة مع الحكومتين ، ففي لبنان يعني الكثير أن تتراجع القوات اللبنانية عن مقاطعة حضور  جلسة الثقة ، ولوصوتت لحجبها فهي تقول أنها ستشارك بتأمين نصاب إنعقاد الجلسة وقبول قواعد اللعبة الديمقراطية ، وتفرض على من يفكر بلعبة التصعيد وصولا لتطيير النصاب في جلسة الثقة إعادة حساباته ، فإن كانت الحسابات إقليمية ودولية قالقوات أكثر حلفائها تعبيرا عن هذه الحسابات ، وإن كان لحسابات محلية فالتصعيد يفقد الكثير ببقاء القوات خارجه ، وفي العراق خسر الأميركيون والخليجيون مرتين ، مرة بخسارة الرهان على تموضع السيد مقتدى الصدر على ضفة التصادم مع إيران وقوى المقاومة ، وصولا للإحباط الناتج عن توليه دفة القيادة في هذه الجبهة ، والمرة الثانية لتسمية الرئيس محمد توفيق علاوي الذي يشكل شخصية يصعب رفضها وتصعب مواجهتها ، وهو موضع ثقة قوى المققاومة بقدر ما هو أحدعناوين الجمع لا القسمة في العراق ، ما يجعل الذهاب إلى التصعيد في العراق خسارة كاملة .
  • تقول حالة الجفاف الشعبي في الحراكين العراقي واللبناني أن لا أرضية شعبية للتصعيد ، كما تقول الإشارات المتتالية عن تبدلات في المواقف الأميركية والأوروبية والخليجية ، لجهة الإستعداد للإنفتاح على الحكومتين الجديدتين في بغداد وبيروت ، أن الإقرار بالخسارة للجولة يتزامن مع رسائل إنفتاح تحت الطاولة ستترجمها المواقف المالية والعملية من الحكومتين ، وهو ما تترصده وتراقبه قوى المقاومة وخصوصا إيران ، لأن سقف ما يمكن قبوله في بغداد وبيروت من محور المقاومة ، هو ما ظهر مع المشروعين الحكوميين فيهما ، وتجاهل ذلك كفرصة للتلاقي على دعم هذين المشروعين ، يعني السير في مواجهة أكبر وأبعد مدى ، وهذا الخطر الناجم عن عناد عبثي أميركي أو خليجي بالعجز عن الإقرار بالخسارة ، يشكل مصدر قوة للحكومتين ، وفرصة لتشكيلهما عنوان تسوية ضمنية قد تستقطب شراكات دولية بديلة للأميركيين والأوربيين إذا مارسا الحصار على الحكومتين ، وقد تدفع إقليميا لتكامل سريع للمثلث السوري اللبناني العراقي وهوما يعرف الخليج معناه أكثر من سواه .
  • يحتل الوضعان الحكوميان في لبنان والعراق موقعا محوريا في محادثات وزير خارجية الإتحاد الأوروبي جوزف بوريل إلى طهران .

 

2020-02-05 | عدد القراءات 16238