لماذا لا يفهم البعض أن سورية لا تريد التدخل في لبنان ؟ كتب ناصر قنديل
كتب ناصر قنديل
لم تتغير الجغرافيا ولا التاريخ ولا سقطت العقيدة القومية لسورية لكن مقاربة كل هذه العناصر باتت بفعل الخبرة السورية ذات معان مختلفة ، وقد تجمعت لسورية خبرتان ، واحدة من خبرتها خلال توليها إدارة الملف السياسي والأمني في لبنان بتوافق إقليمي دولي ، وثانية خلال الأزمة السورية وتجذر المفهوم السيادي للدولة كعنوان لإستعادة التراب السوري ووحدته في مواجهة أعداء سورية وفي التعامل مع أصدقائها .
لا يشكل التدخل في الشؤون اللبنانية إغراءً لسورية وهي تنتصر ، وليس في حساب قائدها وقيادتها من خلفه صرف فائض قوة لإستعادة دور يصر بعض اللبنانيين ومن خلفهم بعض العرب والغرب ، بعروض تحت الطاولة أو بإثارة مخاوف وهواجس مفتعلة ، أنه يمكن أن يلقى لدى سورية آذانا صاغية ، وربما بعض أصدقاء سورية يحاولون إبتكار النظريات وتسويق الأسباب الموجبة للمطالبة بذلك ولا يلقون سماعا .
في سورية يقين أن المصير مع لبنان مشترك والمصالح مشتركة والمواجهة للمخاطر والتحديات واحدة ، سواء على الصعيد الإقتصادي أو في مواجهة العبث الإسرائيلي وما يلقاه من دعم أميركي أو بوجه خطر الإرهاب وما يلقاه من دعم عربي وغير عربي ، لكن سورية ترى أن هذا التلازم في المصير والمسار يجب أن ينضج داخل المؤسسات اللبنانية طوعا وبرضى ويأتي التلاقي تعبيرا عن هذا النضج ، ويجب أن يأتي مترافقا مع تعزيز شعور اللبنانيين بممارسة سيادتهم على قرارهم ، وليس العكس ، لأن العكس سيأتي بنتائج معاكسة .
عندما يترك السوريون الأمر لحلفائهم ، وفي مقدمتهم حزب الله ، فتلك ليست وكالة يمنحونها بالنيابة لفريق لبناني ينوب عنهم ، بل هي ترجمة لمفهوم أن الشأن اللبناني يخص اللبنانيين ، ومن بين هؤلاء اللبنانيين لا تخفي سورية الطبيعة المميزة التي تحكم علاقتها بحزب الله كإمتداد لإمتلاكهما مقاربة واحدة تجاه الملفات الإقليمية وتشاركهما في مواجهات عمدتها الدماء خلال عقود طويلة .
في الغرب وبين العرب من لا يزال يفكر بطريقة قديمة ويرفض الإقتناع بأن ثمة الكثير من المياه قد جرت في هذا النهر ، ربما لأنهم يريدون تحضير ملف إتهامي لسورية تحت عنوان التدخل بالشأن اللبناني ، أو ربما لأنهم يقدمون الإغراء من غير جيوبهم بهدايا مفترضة لم يعد يتسع لإقتنائها الصالون السوري ولم تعد بالنسبة له زينة مميزة .